وأكبرها شجرتان دائرة جذع كل منهما نحو خمسة عشرة متراً وارتفاع طولهما خمسة وعشرون متراً وقدروا عمرهما بثلاثة آلاف سنة. وفي تسريح الأبصار أنه لا أثر اليوم في الشام لشجر الأرز إلا في أعالي سير بالضنية في وادي النجاص ففيه كثير من شجر الأرز على ارتفاع ١٩٠٠ متر عن سطح البحر. وبين سير ونبع السكر وفي الغابة الواقعة خلف وادي جهنم ويسمى عند أهله تنوب على أن في جبال قره مورط إحدى شعاب جبل اللكام من عمل إنطاكية غابات من الأرز وغيره من فصيلته. ولو توفرت العناية بأمثال هذه الأشجار وقضت الحكومة على كل فلاح ان يغرس ويتعهد عشر شجرات منها، إذاً لما مضى خمسون سنة حتى تصبح الشام كسويسرا بأشجارها الغضة الملتفة، تحسن المناظر والمناخ ويكون منها عموم النفع، كلما وقع القطع منها في ثلاثين سنة كما تجري فرنسا في غابة فونتينبلو وغيرها من غاباتها البديعة المشهورة. ولا تكون في جمالها أقل من
شجر الأرز الذي يكسو نجاد جبال طوروس الدروب ووهادها فترى فيها تلعة مستطيلة إلى جانبها تلعة هرمية وأُخرى ذات شكل بيضوي وغيرها المحدودب والمربع أو قائم الزوايا ومنفرجها وكلها مزينة بالأشجار.
يقول كاتب جلبي من أهل القرن الحادي عشر: إن غابات الشام كثيرة اشهرها غابة عسقلان وهو حرج كبير يمتد إلى نواحي الرملة. ومن الغابات غابة أرسوف بالقرب من نهر العوجا تمتد إلى عكا وكان يقال له غاب قلنسوة وهذا الحرج يمتد من قاقون إلى عيون التجار، ومن الحراج حرج القنيطرة، وفي أطراف حلب عدة غابات وخصوصاً الغاب الكبير ويقال له الزور واكثر شجره التوت اه. ولقد ثبت أن الغابات كانت في القرون السالفة أكثر من اليوم وان معظم جبالنا التي نراها اليوم جرداء كانت خضراء وأن التجريد من الغابات وقع في أدوار مختلفة فقد ذكر ابن حوقل أن جبل قلمون وجبل المانع وجبل الشيخ المحيطة بدمشق كانت منذ القرن الرابع مجردة من أشجارها قال: إنك إذا كنت في دمشق ترى بعينك على فرسخ وأقل جبالاً قرعاء من النبات والشجر وأمكنة خالية من العمارة.
وتجريد الشام من غاباته دعا إلى زيادة مساحة عدد البطائح والمستنقعات وتاليف صحار من الرمال فقد قالوا: إن الظلال كانت تمتد شرقي قيسارية على ستة أو