للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهرين وبالبحرين شهرين وبالكوفة شهرين وبالبصرة شهرين. وكان عماله على مثاله من العدل والزهد وحب الحق. قالوا: إنه ولى سعيد بن عامر ابن حذيم حمص وكان لا يقبض رزقه وعطاءه، ولما قدم عمر حمص أمر أن يكتبوا له فقراءهم فرفع الكتاب إليه فإذا فيه سعيد بن عامر، فبكى عمر ثم عدّ ألف دينار فصرّها وبعث بها إليه فبكى سعيد وانتحب ثم اعترض جيشا من جيوش المسلمين فأعطاهم إياها، ولامته زوجته على عمله وقالت: لو كنت حبست منها شيئا نستعين به فلم يلتفت إلى قولها.

بمثل هؤلاء النوابغ المخلصين فتحت الأمصار وتمهدت، ودخل الناس في الإسلام أفواجا. وبمثل هذه الأمانة والعدل والإحسان استمال العرب القلوب فأصبح أعداؤهم أولياءهم، بعد أن شاهدوا عيانا ما انطوت عليه تلك النفوس الكبيرة. قالوا: إن الأقطار الحارة ضنينة بالنوابغ العاملين فأكذب العرب في هذا المثال من فتوحهم ذاك النظر بمن أخرجوا من رجالاتهم الذين أدهشوا، على قلتهم وفقرهم، العالم المعروف إذ ذاك بشجاعتهم وصبرهم، وقناعتهم وإخلاصهم، وتوجيه قوى الصغير والكبير منهم إلى مقصد واحد، أي إنهم كانوا موحّدين في عقائدهم، موحّدين في مقاصدهم، وهذا غريب من نصف أميين ليس لهم في المدينة قدم راسخة.

<<  <  ج: ص:  >  >>