للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامية، تلك الغاية التي من أجلها خُلِقَ الإنسانُ، فليس لله غرض من الخلْق إلا تحقيق العبودية له وحده لا شريك له.

قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦].

وترسيخ العقيدة وتحقيق العبودية في كل أمر من أمور الحياة، يُعدُّ أهم أهداف التربية الإسلامية كما أسلفنا، وإذا تحققت العبودية تحققت أهداف التربية جميعًا تبعًا لها، ذلك لأن كل الأهداف تنبثق منها، إذ إن مفهوم العبادة في التربية الإسلامية شامل كامل، يشمل العبادات الظاهرة والباطنة، والمعاملات كلها، معاملة المخلوق لخالقه، وحسن معاملة الخلق للخلق، وقد جبل الله -عز وجل- النفوس على التوحيد الخالص من شوائب الشرك، ولكنها تحتاج أن تتعلم أصول الإيمان وجزئياته، ولا شك أن أصْلَح أوقات غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الأبناء هي السنواتُ الأولى من حياتهم؛ لأنهم يصغون إلى الآباء والمربين بكل جوارحهم وحواسهم، ويقبلون ما يتلقونه منهم دون أدنى تردد أو جدال، ولا شك أن عامل الفطرة معين للمربي على تقوية وتنمية هذا الجانب الفطري، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠].

وترسيخ العقيدة يكون عن طريق التدبر: بأن يلفت نظر الصغير إلى مظاهر الكون وارتباطها بالتوحيد، وهذا الربط يشعره بالتوازن النفسي، ويحس بأنه جزء من أجزاء الكون المتناسقة، ويبين له أن هذا الكون بكل ما فيه يسبِّح لله، ويرشده إلى التسبيح ليكون مع الركب المسبِّح، كما أن المربي يستطيع تعليم الصغير أسماء الله -عز وجل- وصفاته عن طريق التدبر في جمال الكون وعظمة المخلوقات ونظامها.

<<  <   >  >>