للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينبغي أن يقدم المربي للصغير محفوظات في العقيدة في أول نشوئه ليحفظها حفظًا، ثم لا يزال ينكشف له معناها في كبره شيئًا فشيئًا، فابتداؤه الحفظ، ثم الفهم، ثم الاعتقاد والإيمان والتصديق به، وذلك مما يحصل في الصبي بغير برهان قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» (١).

قال الغزالي: «الصبيُّ أمانةٌ عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرةٌ نفيسةٌ خاليةٌ عن كل نقشٍ وصورة، وهو قابلٌ لكل نقش، ومائلٌ إلى كل ما يُمالُ إليه، فإن عُوِّد الخيرَ نشأ عليه، وسَعِدَ في الدنيا والآخرة أبواه، وإن عُوِّد الشر وأُهْمِل إهمال البهائم، شَقِيَ وهَلَكَ، وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه، وكما أن البدن في الابتداء لا يخلق كاملًا، وإنما يكمل ويقوى بالغذاء، فكذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال، وإنما تكمل بالتربية، وتهذيب الأخلاق، والتغذية بالعلم» (٢).

والعبودية لله-تعالى- لا تقتصر على مجرد أداء شعائر ومناسك معينة: كالصلاة، والصيام، والحج -مثلًا- وإنما كما عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بقوله: هي «اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة» (٣).


(١) رواه البخاري (١٢٧٠)، ومسلم (٤٨٠٣).
(٢) معالم التنزيل: محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: ٥١٠ هـ). تحقيق وتخريج: محمد عبد الله النمر -عثمان جمعة ضميرية- سليمان مسلم الحرش. الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة: الرابعة (١٤١٧ هـ).
(٣) العبودية. أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، المحقق: محمد زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي-بيروت- ط ٧ (١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م). (ص ٤٤).

<<  <   >  >>