للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإنسان الذي يريد أن يتحقق فيه معنى العبودية، هو الذي يُخضع أموره كلها لما يحبه الله-تعالى- ويرضاه، سواء في ذلك ما ينتمي إلى مجال الاعتقادات، أو الأقوال، أو الأفعال؛ فهو يكيف حياته وسلوكه جميعًا لهداية الله وشرعه؛ فلا يفتقده الله حيث أمره، ولا يجده حيث نهاه، وإنما يلتزم أوامر الله فيأتي منها ما استطاع، وينزجر عن نواهيه سبحانه فلا يقربها؛ استجابة لأمره -صلى الله عليه وسلم-: «فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فَأْتوا منه ما استطعتم» (١).

فالمسلم دائمًا إذا أمره الله -تعالى- أو نهاه، أو أحل له، أو حرم عليه - كان موقفه في ذلك كله: أن يقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: ٢٨٥].

فهذا الذي ينبغي أن يَعْلَمَهُ الآباء والمربون أولًا، ثم يسعَوا لغرسه في نفوس أبنائهم ثانيًا، فيعلمونهم العقيدة الصحيحة ويغرسون في قلوبهم التعلق بالله تعالى والتوكل عليه والالتجاء إليه، والاستسلام والانقياد والإذعان لأمره جل في علاه، وعبادته -سبحانه وتعالى- خوفًا وطمعًا ورغبًا ورهبًا ورجاءً ومحبةً، وذلك لأن توحيد الله تعالى سبيل الفوز برضوانه وجناته، والنجاة من سخطه ونيرانه، وتوحيد العبادة والقصد والطلب هو توحيد الألوهية أصل الدين ومرتكزه الأول الذي عليه وبه تقوم مبانيه العظام من عبادات ومعاملات وأخلاق.

وإن الولد جوهرة نفيسة عند والديه، فهو نواة الأسرة والمجتمع، وأمل الغد والمستقبل، وموئل الإسلام بعد الله تعالى، فتربيته على عقيدة التوحيد أساس تربوي وطيد؛ بل لا تصح التربية ولا تستقيم بغير عقيدة التوحيد الذي هو


(١) رواه البخاري (٧٢٨٨) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>