للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يداه كما قال أحكم الحاكمين: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١٠)} [الحج: ١٠].

كانت هذه المقدمة المهمة جدًّا لبيان عظم شأن أمانة تربية الأبناء ولا سيما في الصغر، ولا سيما في زمن كثرت فيه الشبهات، وانتشرت واستعرت فيه الشهوات، ذلك لينتبه الآباء والمربون لعظم الأمر وجسامة المسؤولية، فإنَّ تخلي الوالدين عن تلك المسؤولية العظيمة يلحقهما إثمًا مبينًا، ووبالًا عظيمًا وخسارة جسيمة في الدنيا والآخرة، بسبب خيانة الأمانة التي وضعها الله في أيديهم، وتضييع الوديعة التي كلفهم الله تعالى بحفظها، فمسؤولية تربية الأبناء أمانة حِمْلُها جد ثقيل وشأنها جد عظيم يترتب على خيانتها والإخلال بها حساب جد عسير: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)} [المطففين: ٦].

لأنها تحَمُّل أمانة الفطرة الربانية بيضاء نقية: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠].

- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمةُ بهيمةً جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟ ثم يقول أبو هريرة -رضي الله عنه- واقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠]» (١).

ولقد ذكر الله تعالى لنا في كتابه المجيد وصايا لقمان الحكيم لابنه وهو يعظه: قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ


(١) صحيح مسلم (جـ ٤/ ص ٢٠٤٧)، وصحيح البخاري (جـ ١/ ص ٤٦٥).

<<  <   >  >>