للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول العلامة الجصاص (١) الحنفي: معلقًا على هذه القاعدة {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] «هو أمر للأزواج بعشرة نسائهم، ومن المعروف:

أن يوفيها حقها من المهر، والنفقة، والقَسْمِ، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراضِ عنها والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب» (٢).

- وقال الغزالي في الإحياء: «والمعاشرة بالمعروف تكون بِحُسْن الخُلُق معها، وكف الأذى عنها؛ بل احتمال الأذى منها، والحِلْم عن طيشها وغضبها؛ اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد كانتْ أزواجه تراجعْنَه الكلام؛ بل أن يَزيد على احتمال الأذى منها بالمداعبة، والمزاح والملاعبة، فهي التي تُطَيِّب قلوبَ النساء، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمزح معهنَّ» (٣).

وليتدبر كلٍّ من الزوجين ما قصّه الله تعالى في سورة الطلاق من أحكام وتوجيهات عظيمة، فإن الله تعالى -لما ذكر أحكامًا متنوعة في تلك السورة-


(١) أبو بكر الجصاص (٣٠٥ - ٣٧٠ هـ، ٩١٧ - ٩٨٠ م): الجصاص الحنفي هو: أبو بكر أحمد بن علي الرازي المشهور بالجصاص، ولد في مدينة الري سنة (٣٠٥ هـ)، ونشأ فيها، ثم رحل إلى بغداد سنة (٣٢٥ هـ)، كان إمام الحنفية في وقته، واستقر التدريس له ببغداد، وانتهت الرحلة إليه، واشتهر بالورع والزهد، وله تصانيف كثيرة، وتوفي في السابع من ذي الحجة سنة (٣٧٠ هـ).
ينظر: ترجمته في: مقدمة كتابه: أحكام القرآن (ص ٤، ٥)، والفوائد البهية في تراجم الحنفية للكنوي (ص ٢٧، ٢٨).
(٢) أحكام القرآن، للجصاص (٣/ ٤٧).
(٣) إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي (٢/ ٤٣)

<<  <   >  >>