وقال تقدس اسمه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (٥)} [الطلاق: ٥]؛ ولعل السر في تتابع هذه التعقيبات: أن أحوال الطلاق عقب الفراق ـ مع وجود الحمل والإرضاع أو بقاء العدة ـ قد تحمل أحد الطرفين على التقصير والبغي، ونحو ذلك من التجاوزات، فجاءت هذه التعقيبات الإلهية لتبشر المتقين، ولتحذير المجانبين للتقوى، بأن أضداد هذه الوعود الإلهية ستحصل إن أنتم فرطتم في تطبيق شرع الله، ويوضح هذا المعنى ختم السورة بهذه الآية المخوفة، قال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (٨) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (٩) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (١٠)} [الطلاق: ٨ - ١٠].
ولقد كان سلف هذه الأمة يفقهون حقًّا معاني هذه النصوص العظيمة، ومن ذلك هذه القاعدة القرآنية المحكمة:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ١٩].
فهذا حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس -رضي الله عنه-، يقول: كما رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه»: «إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة؛ لأن الله تعالى يقول:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٢٨]، وما أحب أن أستنطف -أي:(أستوفي) - جميع حقي عليها؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلِلرِّجَالِ