للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وفيه ملاطفة الصبيان ورحمتهم، ومماستهم» (١).

والولد يحتاج من والديه أمرًا محسوسًا حتى يشعر بما يجول في قلبيهما من محبَّةٍ وعَطْفٍ ورحمةٍ، وقد يتجسَّد ذلك الإحساس في تقبيله، وحمله، ومداعبته، أو المسح على رأسه، أو وجهه، أو ضمه إلى أحضانهما، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أَنَّه -صلى الله عليه وسلم- قَبَّلَ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ -وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ ابْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ (٢) جَالِسًا- فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ» (٣).

وقد صَحَّ -أيضًا- أَنَّه جاء أعرابي إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ، فَقَالَ النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: «أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ» (٤).


(١) شرح صحيح مسلم للنووي (١٥/ ١٩٤).
(٢) الأقرع بن حابس التميمي المجاشعي، أحد المؤلفة قلوبهم وأحد الأشراف، أقطعه أبو بكرٍ له ولعيينة بن حصن، فعطل عليهما عمر ومحا الكتاب الذي كتب لهما أبو بكر، وكانا من كبار قومهما، وشهد الأقرع مع خالد حرب أهل العراق وكان على المقدمة.
سير أعلام النبلاء (ص: ١٣٧/ ٢٨).
(٣) أخرجه البخاري في الأدب (٥٩٩٧)، ومسلم في الفضائل (٦١٧٠)، وأبو داود في الأدب (٥٢٢٠)، والترمذي في البر والصلة (٢٠٣٥)، وأحمد (٧٤٩١)، والحميدي في مسنده (١١٥٥) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٤) أخرجه البخاري في الأدب (٥٩٩٨) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. … =
= ومعنى العبارة: «أي: لا أملك»، أي: لا أقدر أن أجعل الرحمة في قلبك بعد أن نزعها الله منه. فتح الباري لابن حجر (١٠/ ٤٣٠).

<<  <   >  >>