للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتقريرًا لهذا المعنى فقد روى البخاري عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْخُذُنِي فَيُقْعِدُنِي عَلَى فَخِذِهِ، وَيُقْعِدُ الحَسَنَ عَلَى فَخِذِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّي أَرْحَمُهُمَا» (١).

ومن مظاهر الإحساس للولد بما في قلبي والديه من عناية وشفقةٍ ومحبَّةٍ: مدحه والثناء عليه إذا أحسن وقام بالمطلوب وحقق المرغوب، وبالمقابل تنبيهه إذا أساء أو أخطأ في أداء المطلوب ولم يحقق المرغوب، ثمَّ يعلمه العادة الصالحة والصفة الحسنة التي يفتقدها، وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الأسلوب التربوي في حديث عُمَرَ بن أبي سلمة -رضي الله عنهما- قال: كُنْتُ غُلَامًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» (٢).

- قال الإمام ابن القيِّم -رحمه الله-: «ومما يحتاج إليه الطفل غايةَ الاحتياج: الاعتناء بأمر خُلقه؛ فإنه ينشَأ على ما عوَّده المربي في صغره من حَرَدٍ (٣) وغضَبٍ ولَجاجٍ،


(١) أخرجه البخاري في الأدب (٦٠٠٣)، وأحمد (٢٢٤٩١)، من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-.
(٢) أخرجه البخاري في الأطعمة (٥٣٧٦)، ومسلم في الأشربة (٥٣٨٨)، وأبو داود في الأطعمة (٣٧٧٩)، والترمذي في الأطعمة (١٩٧٦)، وابن ماجه في الأطعمة (٣٣٩١)، وأحمد (١٦٧٦٩)، من حديث عُمَرَ بن أبي سلمة -رضي الله عنه-. تربية الأولاد وأسس تأهيلهم- الشيخ محمد علي فركوس-موقعه الرسمي-بتصرف.
(٣) الحرَد: سرعة الغيظ، قال في المعجم الوسيط (١/ ١٦٥): حَرِد: اغتاظَ، فتحرَّش بالذي غاظَه وهَمَّ به.

<<  <   >  >>