للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن جملة الأساليب التي لاقت اهتمامًا كبيرًا في القرآن الكريم أسلوب الترغيب والترهيب؛ وذلك بغية إيجاد الإنسان المسلم الصالح المصلح.

- يقول الجمالي: «وأسلوب الترغيب والترهيب من الأساليب التربوية التي لا يستغني عنها المربي في كل زمان ومكان، ومهما عمل في حقل التربية، فلن يستطيع السير طويلًا ما لم يعرف الطفل والإنسان أن هناك نتائج سارة أو مؤلمة وراء عمله وسلوكه، فإن عمل خيرًا نال السرور والحلاوة، وإن عمل شرًّا نال الألم والمرارة» (١)، ولذا فعلى مربي النشء الذي يريد أن يغرس فيهم الأخلاق الفاضلة ويؤسس فيهم السلوك الحميد أن يستخدم أسلوب الترغيب والترهيب، فمن الناس من يستجيب بالترغيب ومنهم من يستجيب بالترهيب.

ومن هنا شرع الإسلام عبر مصادره أسلوب الترغيب والترهيب، وقدره ليكون أسلوبًا تربويًّا إسلاميًّا. وذلك من خلال كثير من النصوص في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. فالمتتبع لآيات الكتاب الحكيم يجد أن الترغيب والترهيب قرينان لا يكاد ينفك أحدهما عن الآخر، من ذلك ما في قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)} [الانفطار: ١٣، ١٤].

وقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١)} [النازعات: ٣٧ - ٤١].

«ولعل السر في ذلك، أن في الفصل بينهما خطورة عظيمة في تربية الشخصية


(١) الجمالي، محمد فاضل: نحو توحيد الفكر التربوي في العالم الإسلامي، الدار التونسية، تونس، (١٩٧٢ م) (ص ١٦٦).

<<  <   >  >>