للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامية، فإن المربين حين يطرقون جانب الترغيب في كل توجيه أو تعليم متناسين تمامًا جانب الترهيب، فإنما يفتحون للرجاء بابًا لا يسد، فيظل المؤمن يرجو ما عند الله، معتمدًا على حسن الظن بالله، فيتقاعس عن أداء الواجبات، أو يتجرأ على انتهاك المحرمات، أو يحمل على أثر ذلك عقيدة ضالة. وحين يظل المربي يطرق جانب الترهيب الذي يورث الخوف فحسب متناسيًا جانب الرجاء، فإنه ربما أورث في من يتربى تحت يديه قنوطًا من رحمة الله، ويأسًا من جوده وإحسانه. لكن منهج القرآن والسنة في الترغيب والترهيب ألا يفصل بينهما ليكون المؤمن على جناحين يطير بهما، جناح الخوف، وجناح الرجاء، أو جناح الترغيب وجناح الترهيب، فيسير نحو ربه سيرة متوازنة» (١).

وفي هذا المعنى يقول ابن القيم: «القلب في سيره إلى الله -عز وجل- بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر» (٢).

وبناء على ما سبق فإنه يتحتم على المربي الاهتمام بهذا الأسلوب وانتهاجه في العملية التربوية، وعدم الاكتفاء بأسلوب دون آخر، بل عليه أن يوازن بينهما لأن كلًّا منهما مكمل للآخر، وأن يعرف متى ينتهج هذا الأسلوب أو ذلك حسب الشخص الذي أمامه وحسب المواقف التي يمر بها ودواعيها.


(١) الحدري: التربية الوقائية في الإسلام، مرجع سابق (ص: ٢٨٥ - ٢٧٣).
(٢) ابن قيم الجوزية: مدارج السالكين، مرجع سابق (١/ ٥١٣).

<<  <   >  >>