للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملكة. ومن كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين، سطا به القهر وضَيَّقَ عن النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمل على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفًا من انبساط الأيدي بالقهر عليه وعلمه المكر والخديعة لذلك وصارت هذه عادة وخلقًا وفسدت معاني الإنسانية لديه» (١).

١٠ - هذا الأسلوب يرسخ السلوك الإيجابي ويحفز المتواني عنه لفعله، ويتأنى بالمخطئ عن السلوك، وفي القرآن الكريم ما يبين الله ذلك ويؤكده، قال تعالى:

{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٧ - ٨]، ولولا ذلك لعمّ الظلم وانتشر، لأن الأمن من العقوبة يؤدي إلى السلوك الخاطئ وقديمًا قالوا: (من أمن العقوبة أساء الأدب)، وإذا غاب الثواب قد يتكاسل المحسن، إذن فالترغيب والترهيب يؤديان إلى صحة مسيرة المجتمع والعملية التربوية.

١١ - في استخدام أسلوب الترغيب والترهيب سلامة للناشئ من الآفات النفسية الناشئة عن استخدام الأساليب العقابية غير التربوية، وإن كثرة استخدام العقاب وترك الأساليب غير الجاذبة كأسلوب الترغيب والترهيب، يكسب المعاقب جرأة على الخطأ واستهلاله له، وتزول هيبة ارتكابه وينكسر حاجز الخوف من اقترافه، فكثرة العقاب والاستمرار فيه تجعل المتربي يتنبأ بنوع العقوبة التي ستحل به دون وعي ذاتي بخطأ سلوكه والرغبة في تصحيحه


(١) ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر. -بيروت- دار الفكر (١٤٠٨ هـ) طـ ٢ (ص ٧٤٣).

<<  <   >  >>