للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذم، وعلى الثواب والعقاب، وعلى تفخيم الأمر أو تحقيره، وعلى تحقيق أمر وإبطال أمر.

قال تعالى: {وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (٤٥)} [إبراهيم: ٤٥] فامتن -سبحانه وتعالى- علينا بذلك لما تضمنت هذه الفوائد، وقال تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} [الروم: ٥٨]، وقال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: ٤٣] (١).

تسمع قائلًا يقول: الكلمة الطيبة خفيفة الوقع على الأذن، والكلمة الخبيثة شديدة الوقع على الأذن فلا تدرك إلا حقيقة محدودة لا تقف طويلًا عندها، ولا تلتفت كثيرًا لما تحدثه من الأثر. وتسمع قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (٢٦)} [إبراهيم: ٢٤ - ٢٦].

فترتسم في مخيلتك صورة واضحة كل الوضوح، حولت المعنى المجرد إلى صورة قريبة منك تراها كل يوم هي صورة شجرة من الأشجار المظلة المثمرة تتملاها العين لما يشيع فيها من الحياة ولما تتميز به من جذور ضاربة تقوي صمودها، وأغصان وأوراق تفرش ظلالًا يتفيؤها الناس، وتخرج ثمارًا يطعمونها، إنها عظيمة الفائدة، باقية الأثر، أو صورة لشجرة تشغل حيزًا، وتعطل مساحة وتتغلغل جذورها هنا وهناك، تشارك النبات غذاءه وماءه فيضعف


(١) الزركشي، بدر الدين محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن، دار الباز للنشر والتوزيع مكة المكرمة (د. ت) (١/ ٤٨٦).

<<  <   >  >>