للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صَالِحًا. وَيَظْهَرُ مِنَ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي قِصَّتِهِ هَذِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيئًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْتَنَّ عَلَيْهِ بِوَحْيٍ وَلَا بِكَلَامِ الْمَلَائِكَةِ. وَالِاقْتِصَارُ عَلَى أَنَّهُ أُوتِيَ الْحِكْمَةَ يُومِئُ إِلَى أَنَّهُ أُلْهِمَ الْحِكْمَةَ وَنَطَقَ بِهَا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا ذُكِرَ تَعْلِيمُهُ لِابْنِهِ قَالَ تَعَالَى وَهُوَ يَعِظُهُ وَذَلِكَ مُؤْذِنٌ بِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ لَا تَبْلِيغَ تَشْرِيعٍ» (١).

وابن عاشور وضع الأمور في نصابها، فبعد أن بَيَّنَ اختلاف السلف في نبوته وذكر رأى الجمهور مرجحًا له، أتى بما يثبت ويؤيد ترجيحه لرأي الجمهور بعدم نبوة لقمان، فقال: لِأَنَّهُ لَمْ يُمْتَنَّ عَلَيْهِ بِوَحْيٍ وَلَا بِكَلَامِ الْمَلَائِكَةِ، وقال: قال تعالى: {وَهُوَ يَعِظُهُ} [لقمان: ١٣] وَذَلِكَ مُؤْذِنٌ بِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ لَا تَبْلِيغَ تَشْرِيعٍ، فيكون بذلك قد أتى بحجة دامغة تدلل على ما ذهب إليه، والحمد لله رب العالمين.

وبعد بيان القول الأول القاضي (بنفي النبوة عن لقمان)، يجتمع لدينا روايات كثيرة وأقوال عديدة من أقوال أئمة التفسير، وقد نقلوا أقوال المفسرين من التابعين وغيرهم، ومفادها ومختصرها كالتالي:

- قال ابن كثير: «عبدًا صالحًا من غير نبوة»، وقال أيضًا: «لم يكن نبيًّا» (جمهور السلف).

- وقال البيضاوي: «ولم يكن نبيًّا» (الجمهور)، ووافقه كل من النسفي، والقسطلاني، وأبو السعود.

- وقال البغوي: (الحكمة): يعني: العقل .. الخ، ولم يكن نبيًّا: (واتفق العلماء) إلا عكرمة تفرد بهذا القول.


(١) الطاهر بن عاشور (٢٢/ ١٤٩).

<<  <   >  >>