للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتطلبه الموقف المعين، من حركة ووعي وتقدير لكل الجوانب والملابسات، دون تزمت أو تشنج أو جمود، نجده -صلى الله عليه وسلم- في يوم الأحزاب مثلًا يأخذ برأي (سلمان) -رضي الله عنه- في حفر الخندق حول المدينة، ويشاور بعض رؤساء الأنصار في إمكان إعطاء بعض المهاجمين مع قريش جزءًا من ثمار المدينة، ليردهم ويفرقهم عن حلفائهم، كسبًا للوقت إلى أن يتغير الموقف، ويقول لنعيم بن مسعود الأشجعي -رضي الله عنه- وقد أسلم، وأراد الانضمام إلى صفوف المسلمين: «إنما أنت رجل واحد، فخذِّل عنا ما استطعت»، فيقوم الرجل بدور له شأنه في التفريق بين قريش وغطفان ويهود بني قريظة (١)، وفي يوم الحديبية تتجلى المرونة النبوية بأروع صورها.

* تتجلى في قوله ذلك اليوم: «والله لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها» (٢).

* وفي قبوله -صلى الله عليه وسلم- أن يكتب في عقد الصلح: «باسمك اللهم» بدلًا من «بسم الله الرحمن الرحيم» وهي تسمية رفضتها قريش.

* وفي قبوله -صلى الله عليه وسلم- أن يمحو كلمة «رسول الله» بعد اسمه الكريم، على حين رفض (علي) -رضي الله عنه- أن يمحوها بعد كتابتها (٣).

* وفي قبوله من الشروط ما في ظاهره إجحاف بالمسلمين، وإن كان في عاقبته


(١) الألباني، تخريج فقه السيرة (٣٠٥) هذه القصة بدون إسناد، لكن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «الحرب خدعة» صحيح البخاري: كتاب الجهاد (٢٨٦٤).
(٢) البخاري (٢٧٣١).
(٣) البخاري (٢٧٣١).

<<  <   >  >>