بسماعها، وتَرتاح النُّفوس السوية بندائها، وهي كلمة استِعطافية تتلطِّف بها الأجواء الحوارية بين الأب وفلذة كبده وثمرة فؤاده، فتَلتقِطها أُذُنه صاغيةً لها وتَشق طريقها مسرعة إلى سويداء قَلبِه، فيُحسُّها في خلجات نفسه دفئًا وحنانًا وحبًّا، وراحة وسعادةً وطمأنينةً، فتنعقد بها أواصِر من الأُلفة وروابط من المحبة، وتتصل بها حِبال من المودِّة بين الابن وأبيه، إنها كلمة (يَا بُنَيّ)، والتي تفتح للبر والسمع والانقياد والطاعة والقبول لما يلقى على مسامعه أمرًا حتمي القبول، لازم الانصياع، ومِن التذمر والتسخط والتبرم أمرًا مستبعد الوقوع.
وهذا الأسلوب الأبوي غاية في التلطف والتودد، مع ما فيه من بيان لما يحمله قلب الأب من معاني الحنان والمحبة والرحمة والمودة والشفقة لأحب الخلق إلى قلبه، وإنما خاطبه بألطف العبارات، بالاستِعطاف والرحمة والرأفة، وبأرق الألفاظ لتصبح الموعظة والنصيحة والوصية أدعى للقبول، وأجدى للنفع وأوقع في النفس.
وفي ذلك جذب لفؤاد ولده وفلذة كبده وترغيب وحث وتحفيز له على الاستجابة، واستمالة لفتح مسامع قلبه لتلقف ما يلقيه والده من مواعظ ونصائح بنفس راضية مطمئنة، وهي نصيحة صادقة خالصة من حظوظ النفس خالية من كل تهمة مبرأة من كل عيب ومن كل شائبة، لأنها صادرة من أب شفيق رحيم ودود حريص على صلاح ولده، فهي نصيحة خالصة صافية لا غش فيها إذ يعود نفعها أولًا على نور عينيه وفلذة كبده وثمرة فؤاده، ولا شك في تأثير تلك الموعظة في نفس الابن، وأنها وقعت بأسلوب مؤثر وفعال، وأثمرت في نفس ابنه دافعًا ذاتيًا يحمل الابن على الإذعان والانقياد لموعظة أبيه والامتثال لأمره،