للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي وصف أهل الإيمان أنهم: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: ٥٤].

قال ابن كثير: «وقوله: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [لقمان: ١٨] أي: جذلًا متكبرًا جبارًا عنيدًا، لا تفعل ذلك يبغضك الله» (١).

قال القرطبي: «{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [لقمان: ١٨] أَيْ: مُتَبَخْتِرًا مُتَكَبِّرًا، وَهُوَ النَّشَاطُ وَالْمَشْيُ فَرَحًا فِي غَيْرِ شُغْلٍ وَفِي غَيْرِ حَاجَةٍ. وَأَهْلُ هَذَا الْخُلُقِ مُلَازِمُونَ لِلْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ; فَالْمَرِحُ مُخْتَالٌ فِي مِشْيَتِهِ» (٢).

{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [لقمان: ١٨].

قال ابن سعدي: «أي: بطرًا، فخرًا بالنعم، ناسيًا المنعم معجبًا بنفسك» (٣)، ولقمان كأنه أراد أن يلفت نظر ولده إلى أن الأرض التي تمشي عليها من ترابها قد خُلِقْتَ، ومصيرك إليها، فعلامَ يكون المشي مرحًا والتطاول عليها.

ويعبر البقاعي عن هذا المعنى فيقول: «ولما كان في أسلوب التواضع وذم الكبر، ذكره بأن أصله تراب، وهو لا يقدر أن يعدوه فقال: (في الأرض)، وأوقع المصدر موقع الحال أو العلة فقال: (مرحًا) أي: اختيالًا وتبخترًا، أي: لا تكن منك هذه الحقيقة؛ لأن ذلك مشي أشر وبطر وتكبر، فهو جدير بأن يظلم صاحبه ويفحش ويبغي، بل امش هونًا فإن ذلك يفضي بك إلى التواضع، فتصل إلى كل خير، فترفق بك الأرض إذا صرت فيها حقيقة بالكون في بطنها» (٤).


(١) ابن كثير (٦/ ٣٣٩).
(٢) القرطبي (١٤/ ٦٦).
(٣) ابن سعدي (٦/ ١٣٥٣).
(٤) نظم الدرر (١٥/ ١٧٧).

<<  <   >  >>