للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول الشوكاني: «{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [لقمان: ١٨] أَيْ: خُيَلَاءَ وَفَرَحًا، وَالْمَعْنَى النَّهْيُ عَنِ التَّكَبُّرِ وَالتَّجَبُّرِ، وَالْمُخْتَالُ يَمْرَحُ فِي مَشْيِهِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ» (١).

ومثله قول تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣].

يقول ابن كثير: «هذه صفات عباد الله المؤمنين: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣]. أي: بسكينة ووقار من غير جبريَّة ولا استكبار، كما قال تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: ٣٧]» (٢).

لقد تضمنت هذه الآية (آية الإسراء) النهي عن مشية المرح والتكبر، لما اتصف فاعلها بالتطاول والتعالي، ودك للأرض تطاولًا واستعلاء على الخلق، وهذه المشية يبغضها الله ويمقت صاحبها؛ لأنها مشية المتجبرين والمتكبرين والمتعالين الذين يحتقرون الناس.

يبين ذلك ويوضحه قول القرطبي: «{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [لقمان: ١٨] هذا نهي عن الخيلاء وأمر بالتواضع. والمرح: شدة الفرح، وقيل: التكبر في المشي، وقيل: تجاوز الإنسان قدره، وقال قتادة: هو الخيلاء في المشي، وقيل: هو البطر والأشر، وقيل: هو النشاط، وهذه الأقوال متقاربة» (٣).

وما ذكره القرطبي حول معنى المرح، معانيه متقاربة ومتشابهة، وقد تجتمع


(١) الشوكاني فتح القدير (١/ ١١٤٣).
(٢) ابن كثير (٦/ ١٢١/ ١٢٢).
(٣) القرطبي (١٠/ ٢٣٥).

<<  <   >  >>