للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول القرطبي: «في الآية دليل على تعريف قبح رفع الصوت في المخاطبة والملاحاة، بقبح أصوات الحمير، لأنها عالية» (١).

يقول الألوسي: «وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَضِّ مِنَ الصَّوْتِ الْغَضُّ مِنْهُ عِنْدَ التَّكَلُّمِ وَالْمُحَاوَرَةِ، وَقِيلَ: الْغَضُّ مِنَ الصَّوْتِ مُطْلَقًا فَيَشْمَلُ الْغَضَّ مِنْهُ عِنْدَ الْعُطَاسِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ عِنْدَهُ إِنْ أَمْكَنَهُ عَدَمُ الرَّفْعِ، ثمَّ إِنَّ الْغَضَّ مَمْدُوحٌ إِنْ لَمْ يَدْعُ دَاعٍ شَرْعِيٌّ إِلَى خِلَافِهِ» (٢).

والظاهر أن الأمر بِغَضِّ الصوت يشمل كل صوت؛ لأن الأصل فيه أن يُحمَل على العموم ما لم يأتِ مخصص يخصصه، ولا شك أن هذا أجمع وأشمل، فهو أكمل في الأدب وأعم في حصول تمام الأخلاق وكمالها التي سعى لقمان لغرسها في فؤاد فلذة كبده وثمرة فؤاده.

وكذلك إن كان علو الصوت من النساء كان الأمر أعظم.

وفي ذلك يقول الحطاب الرُّعيني المالكي في مواهب الجليل: «رفع الصوت في حق النساء مكروه مع الاستغناء عنه لما فيه من الفتنة وترك الحياء، وإنما تُسْمِعُ المرأة نفسها» (٣).


(١) تفسير القرطبي (جـ ١٤) (ص ٧٢).
(٢) الألوسي (٢١/ ٩١).
(٣) مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، تأليف: شمس الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي، المعروف بالحطاب الرُّعيني المالكي (المتوفى: (٩٥٤ هـ). الناشر: دار الفكر- الطبعة: الثالثة (١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م) عدد الأجزاء: (٦)، (جـ ٣) (ص ٣٢٥).

<<  <   >  >>