للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باستخدام أسلوب وتوجيه تربوي مثيل، أتى فيه بعلل قوية، وحجج دامغات، وبراهين ساطعات واضحات وأسلوب مقنع مخاطبًا للعقل، يرغبه في التجاوب وامتثال الأمر، واستَخدَمَ أسلوب الإقناع، الذي يعد من أرقى أساليب التربية وأنفعها وأكثرها تأثيرًا في النفس، وبه تُجنى الثمار المرجوة من جراء تلك المواعظ، وتتحقق الغايات والأهداف التربوية التي يأمل المربي أن يجد أثرها فيمن يعلمه ويعظه ويربيه.

فما أحوج المربين اليوم لسلوك هذا المسلك الحكيم الرشيد، واستخدام هذا الأسلوب التربوي السديد.

وحول هذا المعنى يقول الشوكاني: «{وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: ١٩] أَيِ: انْقُصْ مِنْهُ وَاخْفِضْهُ وَلَا تَتَكَلَّفْ رَفْعَهُ، فَإِنَّ الْجَهْرَ بِأَكْثَرَ مِنَ الْحَاجَةِ يُؤْذِي السَّامِعَ، وَجُمْلَةُ {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩)} [لقمان: ١٩] تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالْغَضِّ مِنَ الصَّوْتِ أَيْ: أَوْحَشُهَا وَأَقْبَحُهَا» (١).

ويعاضده قول ابن عاشور: «وجملة {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩)} [لقمان: ١٩] تعليل علل به الأمر بالغض من صوته باعتبارها متضمنة تشبيهًا بليغًا، أي: لأن صوت الحمير أنكر الأصوات.

ورفع الصوت في الكلام يشبه نهيق الحمير فله حظ من النكارة» (٢).

ولا شك أن التوسط في رفع الصوت وخفضه هو المعني، ليتحقق المقصود


(١) فتح القدير (١/ ١١٤٣).
(٢) ابن عاشور (٢٢/ ١٦٩).

<<  <   >  >>