للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن معرفة سبب نزول آيةٍ ما متوقف على نقل صحيح لسبب نزولها، ولا يجوز أي قول فيه إلا برواية وتصريح بسماع ممن شاهد وعاين التنزيل ووقف على أسبابه، ألا وهم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا مما لا مجال فيه لاجتهاد، وحكمه حكم المرفوع إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لأن مثله لا يُقالُ فيه بالرأي، وكذلك إن رويت أسباب النزول عمن تلقوا عن الصحابة -رضي الله عنهم- وهم أئمة التابعين، كطاوس بن كيسان اليماني، وسَعِيْدِ بْنِ جبير، ومُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ المَكِّيُّ، وعِكْرِمَةَ القُرَشِيِّ مولى ابن عباس، وأَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، ومُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ المَدَنِيِّ، وعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاح القرشي المكي، والضَّحَّاك بْن مُزَاحِم، وغيرهم ممن أخذوا التفسير عن الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-، والذين انتشروا في الأمصار يعلمون الناس آي التنزيل وتأويل القرآن الحكيم.

وفي هذا الصدد يقول الواحدي: «ولا يحل القول فِي أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقف عَلَى الأسباب، وبحث عن العلم وجدَّ فِي الطِّلب.

وَقَد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العِثار فِي هذا العِلْم بالنار» (١).

ويقول الشيخ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ: «فالعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أو عن الصحابي؛ فإن إخبار الصحابي عن مثل هذا له حكم الرفع» (٢) انتهى.

قال ابن عاشور: «ورفع الصوت في الكلام يشبه نهيق الحمير فله حظ من


(١) أسباب النزول (٥ - ٦).
(٢) الصحيح المسند في أسباب النزول (١٥).

<<  <   >  >>