الحمار ليتبين عظم نكارة صوته وقبحه وشناعة فعله حتى أصبح من أشبه الخلق بأبلد المخلوقات حسًّا وأدناهم وأحطهم وأخسهم منزلة، ألا وهو الحمار، والحمار في نفسه لا يلام على علو صوته ونهيقه بقوة وشدة ونكارة، إنما اللوم والتوبيخ على من تشبه به من بني آدم فخرج عن جبلته وفطرته وأبى لنفسه أن ينزلها مكانتها ويصون لها كرامتها، فتشبه بمن لا يليق بمثله أن يتشبه بمثله.
فعلى هذا المنهج الذي ربَّى لقمان عليه ولده يجب على المربين أن يربوا الناشئة ويلزموهم هذه الخلال الصالحة الحميدة، والخصال الطيبة الرشيدة، وأن يحثوهم على التمسك بمكارم الأخلاق وجليل الصفات التي حثَّ عليها ديننا الحنيف وشريعتنا الغراء التي أمرت بالفضائل ورغبت فيها، ونهت عن الرذائل وزجرت عنها.
ومن أهمها: التواضع وخفض الجناح للمؤمنين، والإقبال على الناس بوجه طلق بشوش، والإنصات لمن يخاطبهم ويحدثهم، وعدم الإعراض عنهم تعاليًا وتكبرًا، والمشي في الأرض بأدب المتواضعين متشبهين بعباد الرحمن في مشيهم على الأرض هونًا تواضعًا لله غير متكبرين على عباده سبحانه، ومخاطبة الناس بأدب جمّ وخلق كريم مصحوب بصوت منخفض يتحقق معه المطلوب ويُنالُ به المرغوب، مع تجنب علو الصوت لما فيه من الأذى والرعونة مع ما يسببه من وقوع البغضاء في قلوب الناس، علاوة على ما فيه من التشبه بأوضع المخلوقات وأخس الكائنات وأبلد الحيوانات.
وبالانتهاء من بيان الجانب الأخلاقي في ضوء وصايا لقمان يكتمل المنهج التربوي المتكامل الذي قدمه لقمان لابنه وهو يعظه تلك الموعظة البليغة التي