للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالصَّوم مدرسة لتهذيب الأخلاق وتقوية لإرادة المؤمن وتهيئته للتضحية والبذل والسخاء والعطاء لله تعالى، وهو من أعظم أسباب انشراح الصدور، وطمأنينة القلوب، وهدوء النفوس.

ويقول رشيد رضا: «هذا تعليل لكتابة الصيام ببيان فائدته الكبرى وحكمته العليا» (١).

يقول ابن القيم: «المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات، وتعديل قوتها الشهوانية؛ لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها، وقبول ما تركِّز به ما فيه حياتها الأبدية، ويكسر الجوع والظمأ من حدتها وسورتها، ويذكِّر بحال الأكباد الجائعة من المساكين، وتضيق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب، وتُحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يفيدها في معاشها ومعادها، ويسكن كل عضو منها، وكل قوة عن جماحه، وتلجم بلجامه، فهو لجام المتقين، وجنة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين. وهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها؛ إيثارًا لمحبة الله ومرضاته. وله تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة، وحمايتها من التخليط الجالب لها المواد الفاسدة، التي إذا استولت عليها أفسدتها» (٢).

ويقول الشوكاني: «قيل: تتقون المعاصي بسبب هذه العبادة، لأنها تكسر الشهوة وتضعف دواعي المعاصي» (٣).


(١) تفسير المنار (٢/ ١١٧).
(٢) زاد المعاد (١/ ٢١١).
(٣) الشوكاني فتح القدير (١/ ١١٧).

<<  <   >  >>