للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بإقامة دولة إسلامية انطلاقها من أشرف البقاع وأطهرها، فكان المسجد مدرسة وجامعة إسلامية، معلِّمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتلامذته أصحابه الكرام -رضي الله عنهم-، وكان المسلمون الأوائل إذا فتحوا مصرًا من الأمصار أسسوا فيه مسجدًا جامعًا تأسيًا برسولهم الكريم صلوات الله وسلامه عليه، وإيذانًا وإعلانًا للدنيا بأن هذا البلد أصبح جزءًا من الدولة الإسلامية، وإعلانًا لسيادة دين الله -سبحانه وتعالى- في الأرض.

وذلك بعكس المحتل الحديث والمعاصر الذين يرفع راية أو علمًا فوق عاصمة البلد الذي احتله دليلًا على نصره وسيادته، وسيادة الظالمين المتجبرين على المظلومين المستضعفين.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «وكانت مواضع الأئمة، ومجامع الأمة، هي المساجد، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أسس مسجده المبارك على التقوى، ففيه الصلاة والقراءة والذكر وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات، وتأمير الأمراء، وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم» (١).

والمسجد أحب البقاع إلى الله -سبحانه وتعالى-، فهو قلعة الإيمان، وحصن الفضيلة، وهو المدرسة التي يتعلم ويتربى فيها الناشئة، فيتخرج منهم العلماء والخلفاء والأمراء والفقهاء والقادة والمصلحون والأعلام في كل ميدان.


(١) ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (٩/ ١٩٦)، وتذكرة الحفاظ، الإمام الذهبي، تحقيق العلامة المعلمي، نشر دائرة المعارف العثمانية (٤/ ١٤٩٦ - ١٤٩٨)، وذيل العبر، الإمام الذهبي، نشر دار الكتب العلمية -بيروت- (١٤٠٥ هـ) (ص ٨٤)، موسوعة السياسة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة: الثالثة (١٩٩٠ م) (ص ٢٢).

<<  <   >  >>