للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنشود وهم الناشئة، والعناية بتربيتهم وربطهم ببيوت الله فيما يتعلق بجميع الجوانب، من جانب الشعائر التعبدية والتعليمية والتربوية، ومن كل ما من شأنه تعبيد الناشئة لخالقهم جل في علاه والرقي بهم في مدارج التربية الإيمانية العلمية والعملية، الأخلاقية والسلوكية، وتفتح عيونهم وقلوبهم وقد نشأوا وترعرعوا في بيوت الله التي وصفها ربنا بقول سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٨)} [النور: ٣٦ - ٣٨].

وتنطلق تربية الناشئة من بيوت الله كما انطلق المسلمون الأوائل من بيوت الله فسادوا الدنيا وفتحوا البلاد، فذلوا الأكاسرة وخضعت لهم رقاب القياصرة وحرروا الإنسان من رقِّ الدنيا وعبوديتها ونقلوه من عبودية البشر إلى عبودية رب البشر، ومن الذل والقهر لغير الله، إلى عدل الإسلام ورحمته ووسطيته، كما قال ربعي بن عامر (١) -رضي الله عنه- لرستم: «الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا


(١) ربعي بن عامر بن خالد بن عمرو التميمي، كان من أشراف العرب، أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم-، شهد الفتوحات الإسلامية وأمد به عمر بن الخطاب المثنّى بن حارثة، له ذكر في غزوة نهاوند، وولَّاه الأحنف في بعض الفتوحات، وكانوا لا يؤمرون إلا الصحابة، وللاستزادة ينظر: البداية والنهاية، وتاريخ الطبري، والإصابة في معرفة الصحابة، وتاريخ دمشق.

<<  <   >  >>