وعثمان البتّي وإحدى الروايتين عن أَحْمَد يجوز بيع المدبَّر وهبته ووقفه، سواء كان التدبير مطلقًا أو مقيدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز بيعه إذا كان مطلقًا، ويجوز إذا كان مقيًّدًا. وروى عن أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا أنه لا يجوز بيعه سواء كان مطلقًا أو مقيَّدًا، وبه قال ابن أبي ليلى وسائر أهل الكوفة والحسن بن حُيي. وعند مالك لا يجوز بيعه مطلقًا كان أو مقيدًا في حال الحياة ويجوز بعد الموت في الدين، فإن لم يكن عليه دين فهو كسائر العطايا يعتبر من الثلث، حتى قال مالك: إذا باع المدبرة فأعتقها فالعتق جائز، وينتقض التبدير والولاء للمعتق. وكذلك إن وطئها فحملت منه صارت أم ولد وبطل التدبير. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يباع المدبَّر إلا من نفسه، أو من رجل يعجَّل عتقه ووَلاؤه لمن اشتراه ما دام الأول حَيًا، فإذا مات الأول رجع الولاء إلى ورثته. وعند الْإِمَامِيَّة إن كان التدبير تطوعًا أو تبرعًا جاز بيعه بكل حالٍ في دين أو غيره، وإن كان التدبير واجبًا بأن نذره فقال: إن برئتُ من مرضي، أو قدم غائبي دبَّرت، فوجد ذلك لم يجز بيعه. وعند أَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى يجوز بيعه في الدين خاصة.
مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في ولد المدبَّرة إذا حدث بعد التدبير على قولَيْن: أحدهما يتبعها في العتق، وبه قال عمر وابن عمر وابن مسعود وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة. والثاني لا يتبعها، وبه قال جابر ابن زيد واختاره الْمُزَنِي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل حربي إلى دار الْإِسْلَام بأمان ومعه عبد فدبَّره، ثم أسلم العبد، وعاد الحربي إلى دار الحرب لم يكن له رده إلى دار الحرب. وهل يجبر على بيعه؟ قَوْلَانِ: أحدهما يجبر على بيعه، والثاني لا يجبر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ على أصله أن المدبّر لا يجوز بيعه.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لو قال: إذا شئت فأنت حر إذا متُّ كان تدبيرًا معتبرًا بالمشيئة، والمشيئة على الفور. وهل يعتبر في الفور مشيئة الترك أو مشيئة التخيير؟ وجهان: أحدهما: مشيئة الفور، والثاني: مشيئة المجلس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك َوَأَحْمَد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز للسيّد تدبير عبده الكافر. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز.