الأولى أن مداره على حسين بن ذكوان المعلم، ولم يصرح بسماعه له من يحيى بن أبي كثير، وإنما جاء عن حسين قال: قال يحيى بن أبي كثير. الثانية أنه خولف فيه فرواه غيره عن يحيى بن أبي كثير موقوفا غير مرفوع الثالثة. أن أبا سلمة أيضا قد خولف فيه فرواه زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن زيد بن خالد موقوفا عن جماعة من الصحابة. قلت: والجواب عن الأولى أن ابن خزيمة والسراج والإسماعيلي وغيرهم رووا الحديث من طريق حسين المعلم وصرحوا فيه بالإخبار ولفظ السراج بسنده إلى حسين أخبرنا يحيى بن أبي كثير أن أبا سلمة حدثه … إلخ، وأما الجواب عن الثانية والثالثة فالتعليل المذكور بهما غير قادح؛ لأن رواية حسين مشتملة على الرفع والوقف معا فإذا اشتمل غيرهما على الموقوف فقط كانت هي مشتملة على زيادة لا تنافي الرواية الأخرى فتقبل من الحفاظ، وهو كذلك، فتبين أن التعليل بذلك ليس بقادح، والله أعلم.
[من كتاب الصلاة]
(الحديث الرابع): قال البخاري باب الخوخة الممر في المسجد، حدثنا محمد بن سنان، حدثنا فليح هو ابن سليمان، حدثنا أبو النضر عن عبيد بن حنين عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري قال خطب النبي ﷺ، فقال: إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده. . الحديث. قال الدارقطني: هذا السياق غير محفوظ، واختلف فيه على فليح فرواه محمد بن سنان هكذا وتابعه المعافى بن سليمان الحراني، ورواه سعيد بن منصور ويونس بن محمد المؤذن، وأبو داود الطيالسي عن فليح عن أبي النضر عن عبيد بن حنين وبسر بن سعيد جميعا عن أبي سعيد. قلت: أخرجه مسلم عن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة عن يونس، وابن حبان في صحيحه من حديث الطيالسي، ورواه أبو عامر العقدي عن فليح عن أبي النضر عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد، ولم يذكر عبيد بن حنين أخرجهما البخاري في مناقب أبي بكر، فهذه ثلاثة أوجه مختلفة، فأما رواية أبي عامر فيمكن ردها إلى رواية سعيد بن منصور بأن يكون اقتصر فيها على أحد شيخي أبي النضر دون الآخر، وقد رواه مالك عن أبي النضر عنهما جميعا حدث به القعنبي في الموطأ عنه، وتابعه جماعة من مالك خارج الموطأ، وأخرجه البخاري أيضا عن ابن أبي أويس عن مالك في الهجرة لكنه اقتصر فيه على عبيد بن حنين حسب، وأما رواية محمد بن سنان فوهم؛ لأنه صير بسر بن سعيد شيخا لعبيد بن حنين، وإنما هو رفيقه في رواية هذا الحديث. ويمكن أن تكون الواو سقطت قبل قوله: عن بسر، وقد صرح بذلك البخاري فيما رواه أبو علي بن السكن الحافظ في زوائده في الصحيح قال أنبأنا الفربري قال: قال البخاري هكذا رواه محمد بن سنان عن فليح، وإنما هو عن عبيد بن حنين، وعن بسر بن سعيد، يعني بواو العطف، فقد أفصح البخاري بأن شيخه سقطت عليه الواو من هذا السياق وأن من إسقاطها نشأ هذا الوهم، وإذا رجعنا إلى الإنصاف لم تكن هذه علة قادحة مع هذا الإيضاح، والله أعلم.
(الحديث الخامس): قال الدارقطني: أخرجا جميعا حديث مالك عن الزهري عن أنس قال كنا نصلي العصر، ثم يذهب الذاهب منا إلى قباء فيأتيهم والشمس مرتفعة، وهذا مما ينتقد به على مالك؛ لأنه رفعه، وقال فيه إلى قباء وخالفه عدد كثير منهم شعيب بن أبي حمزة وصالح بن كيسان، وعمرو بن الحارث ويونس بن يزيد ومعمر والليث