هشام بن يوسف يقول: قال لي ابن جريج: سألت عطاء - يعني ابن أبي رباح - عن التفسير من البقرة وآل عمران، ثم قال: أعفني من هذا! قال هشام: فكان بعد إذا قال: عطاء عن ابن عباس، قال: الخراساني، قال هشام: فكتبنا ما كتبنا، ثم مللنا، يعني كتبنا أنه عطاء الخراساني، قال علي ابن المديني: كتبت أنا هذه القصة؛ لأن محمد بن ثور كان يجعلها عطاء، عن ابن عباس، فظن الذين حملوها عنه أنه عطاء بن أبي رباح، قال علي: وسألت يحيى القطان، عن حديث ابن جريج، عن عطاء الخراساني، فقال: ضعيف. فقلت ليحيى: إنه يقول: أخبرنا، قال: لا شيء كله ضعيف، إنما هو من كتاب دفعه إليه.
قلت: ففيه نوع اتصال، ولذلك استجاز ابن جريج أن يقول فيه: أخبرنا، لكن البخاري ما أخرجه إلا على أنه من رواية عطاء بن أبي رباح، وأما الخراساني فليس من شرطه؛ لأنه لم يسمع من ابن عباس، لكن لقائل أن يقول: هذا ليس بقاطع في أن عطاء المذكور هو الخراساني، فإن ثبوتهما في تفسيره لا يمنع أن يكونا عند عطاء بن أبي رباح أيضا، فيحتمل أن يكون هذان الحديثان عن عطاء بن أبي رباح وعطاء الخراساني جميعا، والله أعلم.
فهذا جواب إقناعي، وهذا عندي من المواضع العقيمة عن الجواب السديد، ولا بد للجواد من كبوة، والله المستعان، وما ذكره أبو مسعود من التعقب قد سبقه إليه الإسماعيلي، ذكر ذلك الحميدي في الجمع عن البرقاني عنه، قال: وحكاه عن علي ابن المديني، يشير إلى القصة التي ساقها الجياني، والله الموفق.
[من كتاب الأطعمة]
الحديث الثاني والثمانون.
قال الدارقطني: أخرج البخاري، عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن وهب بن كيسان قال: أتي رسول الله ﷺ بطعام ومعه ربيبه عمر بن أبي سلمة، فقال: سم الله وكل مما يليك، وهذا الحديث أرسله مالك في الموطأ، ووصله عنه خالد بن مخلد ويحيى بن صالح، وهو صحيح متصل، وقد رواه محمد بن عمرو بن حلحلة وغيره، عن وهب بن كيسان، عن عمر متصلا، وأخرجه البخاري إلا أنه لم يخرج حديث من وصله عن مالك.
قلت: إنما أخرج البخاري حديث مالك إثر حديث محمد بن عمرو بن حلحلة ليبين موضع الخلاف فيه، وقد أخرجه النسائي موصولا، عن خالد بن مخلد، ومرسلا عن قتيبة، كلاهما عن مالك، والمشهور عن مالك إرساله كعادته.
[من الذبائح]
الحديث الثالث والثمانون.
قال الدارقطني: أخرج البخاري حديث عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه أن جارية لكعب بن مالك، وعن مالك، عن نافع، عن رجل من الأنصار، عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ، أن جارية لكعب، وعن جويرية، عن نافع، عن رجل من بني سلمة: أخبر عبد الله: أن جارية لكعب بن مالك … الحديث في الذبح بالمروة، قال: ورواه الليث، عن نافع، سمع رجلا من الأنصار يخبر عبد الله، وهذا اختلاف بين، وقد أخرجه، قال الدارقطني: وهذا قد اختلف فيه على نافع وعلى أصحابه اختلف فيه على عبيد الله، وعلى يحيى بن سعيد، وعلى أيوب، وعلى إسماعيل بن أمية، وعلى موسى بن عقبة، وعلى غيرهم، وقيل فيه: عن نافع، عن ابن عمر، ولا يصح، والاختلاف فيه كثير.
قلت: هو كما قال، وعلته ظاهرة، والجواب عنه فيه تكلف وتعسف.