(الحديث الحادي والأربعون): قال الدارقطني: وأخرج البخاري حديث توبة كعب بن مالك من طرق صحيحة عن عقيل وغيره عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن كعب، وهو الصواب، وأخرجه، يعني في الجهاد، مختصرا عن أحمد بن محمد عن ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن كعب قال: وهو مرسل، فقد رواه سويد بن نصر عن ابن المبارك، فقال عن أبيه عن كعب كما قال الجماعة. قلت: وقع في رواية البخاري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعبا فأخرجه على الاحتمال؛ لأن من الجائز أن يكون عبد الرحمن سمعه من جده وثبته فيه أبوه فكان في أكثر الأحوال يرويه عن أبيه عن جده، وربما رواه عن جده، لكن رواية سويد بن نصر التي أشار إليها الدارقطني توجب أن يكون الخلاف فيها على عبد الله بن المبارك، وحينئذ فتكون رواية أحمد بن محمد شاذة فلا يترتب على تخريجها كبير تعليل فإن الاعتماد إنما هو على الرواية المتصلة، والله أعلم، ثم وجدت الحديث في سنن أبي داود عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن أبيه قال: كان رسول الله ﷺ .. فذكره، وقال محمد بن يحيى الذهلي في علل حديث الزهري: ما أظن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب سمع من جده شيئا، وإنما يروي عن أبيه وعمه عبيد الله بن كعب، ثم ساق حديث معمر كما ذكره أبو داود سواء.
(الحديث الثاني والأربعون): قال الدارقطني: وأخرج البخاري حديث العوام بن حوشب عن إبراهيم السكسكي عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي ﷺ قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما، وهذا لم يسنده غير العوام وخالفه مسعر، فقال عن إبراهيم السكسكي عن أبي بردة قوله لم يذكر أبا موسى ولا النبي ﷺ. قلت: مسعر أحفظ من العوام بلا شك، إلا أن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي، فهو في حكم المرفوع، وفي السياق قصة تدل على أن العوام حفظه، فإن فيه اصطحب يزيد بن أبي كبشة، وأبو بردة في سفر فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بردة: أفطر فإني سمعت أبا موسى مرارا يقول فذكره، وقد قال أحمد بن حنبل: إذا كان في الحديث قصة دل على أن راويه حفظه، والله أعلم.
(الحديث الثالث والأربعون): قال الدارقطني: فيما وجدت بخطه أخرج البخاري حديث إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر استعمل مولى له يدعى هنيا على الخمس. . الحديث بطوله. قال: وإسماعيل ضعيف. قلت: سيأتي الكلام عليه، وأظن أن الدارقطني إنما ذكر هذا الموضع من حديث إسماعيل خاصة، وأعرض عن الكثير من حديثه عند البخاري لكون غيره شاركه في تلك الأحاديث، وتفرد بهذا، فإن كان كذلك فلم يتفرد به، بل تابعه عليه معن بن عيسى فرواه عن مالك كرواية إسماعيل سواء، والله أعلم.
(الحديث الرابع والأربعون): قال الدارقطني: وأخرج البخاري حديث عمرو بن دينار عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمر، وقال كان على ثقل النبي ﷺ رجل يقال له كركرة. . الحديث. وليس فيه سماع سالم من عبد الله بن عمرو، وقد روى سالم عن أخيه عن عبد الله بن عمرو غير هذا. قلت: وهذا التعليل لا يرد على البخاري مع اشتراطه ثبوت اللقاء ولا يلزم من كون سالم روى عن عبد الله بن عمرو حديثا بواسطة أن لا يروي عنه بلا واسطة بعد أن ثبت لقيه له، والله أعلم.