إنما أرادا منه قصة مدعم في غلول الشملة، وأما حضور أبي هريرة عند النبي ﷺ في خيبر فصحيح من طرق أخرى، فإن كان ثور وهم في قوله: خرجنا، فإن القصة المرادة من نفس الحديث صحيحة.
قلت: قد اعترف أبو مسعود بأن فيه وهما ونسبه إلى ثور، وفيه نظر؛ لأن إمام أهل المغازي محمد بن إسحاق رواه عن ثور بن يزيد بهذا الإسناد، ولفظه: انصرف رسول الله ﷺ إلى وادي القرى عشية، فنزل غلام يحط رحله.
فذكر الحديث فدل على أن الوهم فيه ممن دون ثور، أو من ثور لما حدث به عن محمد بن إسحاق، وحديث ابن إسحاق هذا قد أخرجه أبو عوانة في صحيحه، وأبو عبد الله بن منده في كتاب الإيمان له على شرط الصحة، وهو حجة في المغازي، وروايته هنا راجحة على رواية غيره، والله أعلم.
الحديث السابع والستون.
قال الدارقطني: أخرج البخاري حديث معمر، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خرج النبي ﷺ في رمضان عام الفتح وأصحابه بين صائم ومفطر … الحديث، وقد أرسله حماد بن زيد والثقفي، عن أيوب، عن عكرمة.
قلت: قد ذكر البخاري حديث حماد تعليقا، واختلفت الروايات عنه في وصله وإرساله، ولكنه اعتمد الموصول لروايته له موصولا من حديث خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس أيضا، على أنه لم يذكر حديث معمر إلا تعليقا.
الحديث الثامن والستون.
قال الدارقطني: أخرج البخاري، عن موسى، عن أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي بردة قال: بعث رسول الله ﷺ أبا موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن قال: وبعث كل واحد منهما على مخلاف … الحديث، وفيه قصة قتل المرتد، وقصة كيف تقرأ القرآن، وقد خالفه الهيثم بن جميل فرواه عن أبي عوانة، عن عبد الملك، عن أبي بردة، عن أبيه.
قلت: هذا يقوي حديث موسى، وذلك أن البخاري أخرج هذا الحديث من طرق منها، عن أبي بردة، عن أبي موسى، فاعتمد أن أبا بردة حمله عن أبيه، وترجح ذلك عنده بقرينة كونها تختص بأبيه، فدواعيه متوفرة على حملها عنه، كما تقدمت نظائره في حديث عروة عن عائشة، وفي حديث نافع عن ابن عمر في غير موضع، وحديث الهيثم المشار إليه وصله الإسماعيلي عنه فقال: حدثنا القاسم بن زكريا، حدثنا فضل بن يعقوب، حدثنا الهيثم به موصولا، وقد أخرج البخاري لعراك، عن عروة، عن النبي ﷺ حديثا في صلاته ﷺ وعائشة معترضة، ثم أخرجه من حديث الزهري، عن عروة، عن عائشة، فلم يعد حديث عراك مرسلا لما قررناه؛ ولهذا لم يتعقبه الدارقطني فيما تعقب، والله أعلم.
طريق أخرى في هذا الحديث: قال الدارقطني: أخرج البخاري، عن مسلم، عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه قال: بعث النبي ﷺ أبا موسى ومعاذا إلى اليمن … فذكر الحديث، وفيه سؤال أبي موسى له عن الشراب المتخذ من الشعير، وقصة قتل اليهودي المرتد، وسؤال معاذ أبا موسى كيف تقرأ، وغير ذلك، قال: وتابعه العقدي ووهب عن شعبة، ورواه النضر ووكيع وأبو داود، عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده موصولا.
قال الدارقطني: وقد رواه مسلم من حديث وكيع موصولا، لكنه عنده مختصر، فأحسب أن شعبة كان إذا حدث به بطوله أرسله، وإذا اختصره وصله.
قلت: قد رواه علي بن الجعد وغيره عن شعبة موصولا وبتمامه، أخرجه الإسماعيلي في صحيحه، عن إبراهيم بن هاشم وغيره، عن علي بن الجعد.
الحديث التاسع والستون.
قال الدارقطني: أخرج البخاري أحاديث للحسن عن أبي بكرة منها حديث: لن