حميد، عن جرير إن كان ابن حميد حفظ، ووصلها أيضا الثوري وهشيم، وأما حديث سليمان التيمي، عن أبي مجلز، فلا مخالفة بينه وبين حديث أبي هاشم عنه؛ لأن رواية التيمي لحديث علي غير رواية أبي هاشم لحديث أبي ذر، فهما حديثان مختلفان، وبهذا يجمع بينهما، وينتفي الاضطراب، والله أعلم.
تنبيه: قوله: وأخرجاه من حديث سليمان التيمي وهم، وإنما هو من أفراد البخاري.
الحديث الثالث والسبعون.
قال الخطيب: أخرج البخاري، عن مسروق، عن أم رومان ﵂ وهي أم عائشة، طرفا من حديث الإفك، وهو وهم؛ لم يسمع مسروق من أم رومان ﵂ لأنها توفيت في عهد النبي ﷺ وكان لمسروق حين توفيت ست سنين. قال: وخفيت هذه العلة على البخاري، وأظن مسلما فطن لهذه العلة فلم يخرجه له، ولو صح هذا لكان مسروق صحابيا لا مانع له من السماع من النبي ﷺ والظاهر أنه مرسل، قال: ورأيته في تفسير سورة يوسف من الصحيح، عن مسروق قال: سألت أم رومان، فذكره. قال: وهو من رواية حصين، عن شقيق، عن مسروق، وحصين اختلط، فلعله حدث به بعد اختلاطه، وقد رأيته من رواية أخرى عنه، عن شقيق، عن مسروق قال: سئلت أم رومان، فلعل قوله في رواية البخاري: سألت تصحيف من سئلت، وقال ابن عبد البر: رواية مسروق عن أم رومان مرسلة، وتبعه القاضي عياض، وتبعهما جماعة من المتأخرين المقلدين للخطيب وغيره. وعندي أن الذي وقع في الصحيح هو الصواب والراجح؛ وذلك أن مستند هؤلاء في انقطاع هذا الحديث إنما هو ما روي عن علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، أن أم رومان ماتت سنة ست، وأن النبي ﷺ حضر دفنها، وقد نبه البخاري في تاريخه الأوسط والصغير على أنها رواية ضعيفة، فقال في فصل من مات في خلافة عثمان قال علي بن زيد، عن القاسم: ماتت أم رومان في زمن النبي ﷺ سنة ست.
قال البخاري: وفيه نظر، وحديث مسروق أسند، أي أصح إسنادا، وهو كما قال، وقد جزم إبراهيم الحربي الحافظ بأن مسروقا إنما سمع من أم رومان في خلافة عمر، وقال أبو نعيم الأصفهاني: عاشت أم رومان بعد النبي ﷺ دهرا.
قلت: ومما يدل على ضعف رواية علي بن زيد بن جدعان، ما ثبت في الصحيح من رواية أبي عثمان النهدي، عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ﵄ أن أصحاب الصفة كانوا ناسا فقراء، فذكر الحديث في قصة أضياف أبي بكر، وفيه قال: قال عبد الرحمن: إنما هو أنه وأمي وامرأتي وخادم بيتنا، الحديث. وأم عبد الرحمن هي أم رومان؛ لأنه شقيق عائشة وعبد الرحمن إنما أسلم بعد سنة ست، وقد ذكر الزبير بن بكار من طريق ابن عيينة، عن علي بن زيد أن إسلام عبد الرحمن كان قبل الفتح، وكان الفتح في رمضان سنة ثمان، فبان ضعف ما قال علي بن زيد في تقييد وفاة أم رومان، مع ما اشتهر من سوء حفظه في غير ذلك، فكيف تعل به الروايات الصحيحة المعتمدة، والله أعلم.
الحديث الرابع والسبعون.
قال الدارقطني: أخرج البخاري، عن القعنبي وعبد الله بن يوسف وغيرهما، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن النبي ﷺ كان يسير وعمر معه … الحديث في نزول سورة الفتح مرسلا، وقد وصله قراد وغيره عن مالك.
قلت: بل ظاهر رواية البخاري الوصل، فإن أوله وإن كان صورته صورة المرسل، فإن بعده ما يصرح بأن الحديث لأسلم عن عمر، ففيه بعد قوله فسأله عمر عن شيء فلم يجبه، فقال عمر: نزرت رسول الله ﷺ ثلاث مرات، كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري، ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل في قرآن، وساق