للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معمر على أن الزهري سمعه من شيخين، وأما رواية الأوزاعي المرسلة فقصر فيها بحذف الواسطة، فهذه طريقة من ينفي الاضطراب عنه، وقد ساق البخاري ذكر الخلاف فيه، وإنما أخرج رواية الأوزاعي مع انقطاعها؛ لأن الحديث عنده عن عبد الله بن المبارك عن الليث والأوزاعي جميعا عن الزهري فأسقط الأوزاعي عبد الرحمن بن كعب وأثبته الليث، وهما في الزهري سواء، وقد صرحا جميعا بسماعهما له منه، فقبلت زيادة الليث لثقته، ثم قال بعد ذلك: ورواه سليمان بن كثير عن الزهري عمن سمع جابرا، وأراد بذلك إثبات الواسطة بين الزهري وبين جابر فيه في الجملة وتأكيد رواية الليث بذلك، ولم يرها علة توجب اضطرابا، وأما رواية معمر، فقد وافقه عليها سفيان بن عيينة فرواه عن الزهري عن ابن أبي صغيرة، وقال: ثبتني فيه معمر فرجعت روايته إلى رواية معمر، وعن الزهري فيه اختلاف لم يذكره الدارقطني، فقيل عن أسامة بن زيد عن الزهري عن أنس، ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود والترمذي ونقل في العلل عن البخاري أنه قال: حديث أسامة خطأ غلط فيه، يعني أن الصواب حديث الليث، ووهم الحاكم فأخرج حديث أسامة هذا في مستدركه، وعن الزهري فيه اختلاف آخر، رواه البيهقي من طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه، وهو خطأ أيضا، وعبد الرحمن هذا ضعيف، ولا يخفى على الحاذق أن رواية الليث أرجح هذه الروايات كما قررناه، وأن البخاري لا يعل الحديث بمجرد الاختلاف.

حديث ابن عباس مر النبي بقبرين، تقدم في الثاني.

(الحديث الثامن عشر): قال الدارقطني: أخرج البخاري حديث داود بن أبي الفرات عن أبي بريدة عن أبي الأسود عن عمر مر بجنازة، فقال: وجبت. . الحديث، وقد قال علي بن المديني أن ابن بريدة إنما يروي عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود، ولم يقل في هذا الحديث سمعت أبا الأسود. قال الدارقطني: وقلت: أنا، وقد رواه وكيع عن عمر بن الوليد الشني عن ابن بريدة عن عمر، ولم يذكر بينهما أحد انتهى، ولم أره إلى الآن من حديث عبد الله بن بريدة إلا بالعنعنة فعلته باقية، إلا أن يعتذر للبخاري عن تخريجه بأن اعتماده في الباب إنما هو على حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس بهذه القصة سواء، وقد وافقه مسلم على تخريجه، وأخرج البخاري حديث أبي الأسود كالمتابعة لحديث عبد العزيز بن صهيب فلم يستوف، ففي العلة عنه كما يستوفيها فيما يخرجه في الأصول، والله أعلم.

من الزكاة

(الحديث التاسع عشر): قال الدارقطني: وأخرجا جميعا حديث عفان عن وهيب عن أبي حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة أن رجلا قال للنبي دلني على عمل إذا أنا عملته دخلت الجنة. . الحديث، وقد رواه يحيى القطان عن أبي حيان فخالف وهيبا فأرسله، ولم يذكر أبا هريرة انتهى، وقد أخرج البخاري حديث يحيى القطان عقيب حديث وهيب، فأشعر بأن العلة ليست بقادحة؛ لأن وهيبا حافظ، فقدم روايته؛ لأن معه زيادة، وفي معنى روايته حديث آخر اتفقا عليه من هذا الوجه في كتاب الإيمان من طريق جرير وإسماعيل بن علية عن أبي حيان، وهو مما يقوي رواية وهيب، والله أعلم.

(الحديث العشرون): قال أبو مسعود: أخرج البخاري حديث شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي قال: أخبرني يحيى بن أبي كثير أن عمرو بن يحيى بن عمارة أخبره عن أبيه أنه سمع أبا سعيد يقول: قال النبي : ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة. . الحديث، وقد رواه داود بن رشيد، وهشام بن خالد عن شعيب عن الأوزاعي عن يحيى غير

<<  <   >  >>