ضعف من الرواة، وليس في هذا الصحيح من هذا القبيل غير حديثين وهما السابع والثلاثون والثالث والأربعون كما سيأتي الكلام عليهما وتبيين أن كلا منهما قد توبع (القسم الخامس منها) ما حكم فيه بالوهم على بعض رجاله فمنه ما يؤثر ذلك الوهم قدحا، ومنه ما لا يؤثر كما سيأتي تفصيله (القسم السادس منها) ما اختلف فيه بتغيير بعض ألفاظ المتن، فهذا أكثره لا يترتب عليه قدح لإمكان الجمع في المختلف من ذلك أو الترجيح على أن الدارقطني وغيره من أئمة النقد لم يتعرضوا لاستيفاء ذلك من الكتابين كما تعرضوا لذلك في الإسناد فما لم يتعرضوا له من ذلك حديث جابر في قصة الجمل، وحديثه في وفاء دين أبيه، وحديث رافع بن خديج في المخابرة، وحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، وحديث سهل بن سعد في قصة الواهبة نفسها، وحديث أنس في افتتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين، وحديث ابن عباس في قصة السائلة عن نذر أمها وأختها، وغير ذلك مما سنأتي إن شاء الله تعالى على بيانه عند شرحه في أماكنه، فهذه جملة أقسام ما انتقده الأئمة على الصحيح، وقد حررتها وحققتها وقسمتها
وفصلتها لا يظهر منها ما يؤثر في أصل موضوع الكتاب بحمد الله إلا النادر، وهذا حين الشروع في إيرادها على ترتيب ما وقع في الأصل لتسهل مراجعتها إن شاء الله تعالى.
[من كتاب الطهارة]
(الحديث الأول): قال الدارقطني أخرج البخاري عن أبي نعيم عن زهير عن أبي إسحاق قال: ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله قال: أتيت النبي ﷺ بحجرين وروثة. . الحديث في الاستجمار قال: فقال إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق، حدثني عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه بهذا انتهى، ثم ساق الدارقطني وجوه الاختلاف فيه على أبي إسحاق فمنها رواية إسرائيل عنه عن أبي عبيدة عن أبيه، ومنها رواية مالك بن مغول وغيره عنه عن الأسود عن عبد الله من غير ذكر عبد الرحمن، ومنها رواية زكريا بن أبي زائدة عنه عن عبد الله بن يزيد عن الأسود، ومنها رواية معمر عنه عن علقمة عن عبد الله، ومنها رواية يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي الأحوص عن عبد الله. قال الدارقطني: وأحسنها سياقا الطريق الأولى التي أخرجها البخاري، ولكن في النفس منها شيء لكثرة الاختلاف فيه على أبي إسحاق انتهى.، وأخرج الترمذي في جامعه حديث إسرائيل المذكور وحكى بعض الخلاف فيه، ثم قال: هذا حديث فيه اضطراب، وسألت عبد الله بن عبد الرحمن، يعني الدارمي، عنه فلم يقض فيه بشيء، وسألت محمدا، يعني البخاري، عنه فلم يقض فيه بشيء، وكأنه رأى حديث زهير أشبه، ووضعه في الجامع قال الترمذي: والأصح عندي حديث إسرائيل، وقد تابعه قيس بن الربيع، قال الترمذي: وزهير إنما سمع من أبي إسحاق بآخرة انتهى.
وحكى ابن أبي حاتم عن أبيه، وأبي زرعة أنهما رجحا رواية إسرائيل، وكأن الترمذي تبعهما في ذلك، والذي يظهر أن الذي رجحه البخاري هو الأرجح، وبيان ذلك أن مجموع كلام الأئمة مشعر بأن الراجح على الروايات كلها إما طريق إسرائيل، وهي عن أبي عبيدة عن أبيه، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، فيكون الإسناد منقطعا، أو رواية زهير، وهي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود فيكون متصلا، وهو تصرف صحيح؛ لأن الأسانيد فيه إلى زهير وإلى إسرائيل أثبت من بقية الأسانيد، وإذا تقرر ذلك كانت دعوى الاضطراب في هذا الحديث منتفية؛ لأن الاختلاف على الحفاظ في الحديث لا يوجب أن يكون مضطربا إلا بشرطين: أحدهما استواء وجوه الاختلاف،