للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسن: سمعت أبا بكرة. فتأول أبو الحسن الدارقطني وغيره على أنه الحسن بن علي؛ لأن الحسن عندهم لم يسمع من أبي بكرة، وحمله البخاري وابن المديني على أنه الحسن البصري، وبهذا صح عندهم سماعه منه.

قال الباجي: وعندي أن الحسن الذي سمعه من أبي بكرة إنما هو الحسن بن علي بن أبي طالب.

قلت: أوردت هذا متعجبا منه؛ لأني لم أره لغير الباجي، وهو حمل مخالف للظاهر بلا مستند، ثم إن راوي هذا الحديث عند البخاري عن الحسن لم يدرك الحسن بن علي، فيلزم الانقطاع فيه، فما فر منه الباجي من الانقطاع بين الحسن البصري وأبي بكرة، وقع فيه بين الحسن بن علي والراوي عنه. ومن تأمل سياقه عند البخاري تحقق ضعف هذا الحمل، والله أعلم.

وأما احتجاجه بأن البخاري أخرج هذا الحديث من طريق أخرى، فقال فيها: عن الحسن، عن الأحنف، عن أبي بكرة. فليس بين الإسنادين تناف؛ لأن في روايته له عن الأحنف، عن أبي بكرة زيادة بينة لم يشتمل عليها حديثه عن أبي بكرة، وهذا بين من السياقين، والله الموفق.

من السيرة النبوية والمغازي.

الحديث الستون.

قال الدارقطني: أخرج البخاري حديث محمد بن إبراهيم التيمي: حدثني عروة بن الزبير قال: سألت ابن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي … الحديث، وتابعه ابن إسحاق، عن يحيى بن عروة، عن عروة. قلت: لعبد الله بن عمرو. وقال هشام، عن أبيه: قيل: لعمرو بن العاص. وكذا قال محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عروة.

قلت: ذكر البخاري الاختلاف فيه كما ترى، واقتضى صنيعه ترجيح رواية محمد بن إبراهيم التيمي؛ لأن يحيى وهشاما ابني عروة اختلفا على أبيهما، فوافق محمد بن إبراهيم يحيى بن عروة على قوله عن عبد الله بن عمرو، وأكد ذلك أن لقاء عروة لعبد الله بن عمرو بن العاص أثبت من لقائه لعمرو بن العاص، وقد صرح في حديث محمد بن إبراهيم التيمي بأنه هو الذي سأل، وأما رواية هشام فليس فيها أنه سأل عمرو بن العاص، فيحتمل أنه كان بلغه ذلك، عن عمرو بن العاص؛ لأن رواية أبي سلمة تدل على أن عمرو بن العاص حدث بذلك، فكأنه بلغ عروة عنه فأرسله عنه، ثم لقي عبد الله بن عمرو فسأله، فحدث بذلك عنه، ومقتضى ذلك تصويب صنيع البخاري، وتبين بهذا وأمثاله أن الاختلاف عند النقاد لا يضر إذا قامت القرائن على ترجيح إحدى الروايات، أو أمكن الجمع على قواعدهم، والله أعلم.

الحديث الحادي والستون.

قال الدارقطني: أخرج البخاري حديث ابن وهب، عن عمر بن محمد قال: أخبرني جدي زيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: بينما هو في الدار خائفا - يعني عمر - بعد أن أسلم، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو، فقال: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني … الحديث. قال: وخالفه الوليد بن مسلم، فرواه عن عمر بن محمد: حدثني أبي، عن جدي، عن ابن عمر، زاد فيه رجلا.

قلت: قد صرح في رواية البخاري بسماعه من جده، فالظاهر أنه سمعه منهما إن كان الوليد حفظه.

الحديث الثاني والستون.

قال الدارقطني: وأخرج البخاري حديث ابن جريج، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع: أن عمر فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف، وهذا مرسل، يعني أن نافعا لم يدرك عمر بن الخطاب.

قلت:

<<  <   >  >>