لكن في سياق الخبر ما يدل على أن نافعا حمله عبد الله بن عمر، فقد قدمنا مرارا أن البخاري يعتمد مثل ذلك إذا ترجح بالقرائن أن الراوي أخذه عن الشيخ المذكور في السياق، والله أعلم.
وقد أورده أبو نعيم من طريق أخرى عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، فذكر نحوه وأتم منه.
الحديث الثالث والستون.
قال الدارقطني: أخرج البخاري حديث جرير، عن يحيى بن سعيد، عن معاذ بن رفاعة، عن أبيه - وكان أبوه من أهل بدر - حديث: ما تعدون من شهد بدرا فيكم، وأخرجه من حديث حماد ويزيد بن هارون معا، عن يحيى بن سعيد، عن معاذ مرسلا، ولم يسنده غير جرير، وقد خالفه الثوري فقال: عن يحيى، عن عباية بن رفاعة، عن رافع بن خديج.
قلت: سياق البخاري يعطي أن طريق حماد متصلة، فإنه قال: حدثنا سليمان، يعني ابن حرب، حدثنا حماد، يعني ابن زيد، عن يحيى هو ابن سعيد، عن معاذ بن رفاعة بن رافع، وكان رفاعة من أهل بدر، وكان رافع من أهل العقبة، وكان يقول لابنه، يعني لرفاعة: ما يسرني أني شهدت بدرا بالعقبة، قال: سأل جبريل النبي ﷺ … فذكر الحديث، وروى ابن منده في المعرفة من طريق عمارة بن غزية، عن يحيى بن سعيد، عن رفاعة بن رافع، كذا عنده، ولعله عن ابن رفاعة بن رافع قال: سمعت أبي يقول: إن جبريل قال … وهذا يقوي رواية جرير في الجملة، والله أعلم.
وأما حديث الثوري الذي أشار إليه، فرواه ابن ماجه وإسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، والطبراني، وابن حبان من طريقه، وكذا رواه أبو يعلى من حديث علي بن مسهر، عن يحيى بن سعيد به، وهو حديث آخر غير حديث رفاعة بن رافع، والله أعلم.
الحديث الرابع والستون.
قال الدارقطني: وأخرجا حديث مالك، عن يزيد بن رومان، عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي ﷺ صلاة الخوف، وأخرجاه من حديث شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، وأخرجه البخاري من حديث يحيى بن سعيد، عن القاسم، عن صالح، عن سهل موقوفا.
قلت: واختلف فيه على صالح اختلافا آخر، فقيل عنه، عن أبيه، وهذه رواية أبي أويس، عن يزيد بن رومان، أخرجها ابن منده في المعرفة، فيحتمل أن يفسر به المبهم في رواية مالك، وأما تعارض الرفع والوقف في حديث سهل، فالرفع مشهور عنه، والله أعلم.
الحديث الخامس والستون.
قال أبو علي الجياني: أخرج البخاري حديث شعيب، عن الزهري: أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال: شهدنا خيبر فقال رسول الله ﷺ لرجل ممن يدعي الإسلام: هذا من أهل النار … الحديث، قال: وتابعه معمر، وقال شعيب، عن يونس، عن الزهري: أخبرني ابن المسيب وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، أن أبا هريرة قال: وقال ابن المبارك، عن الزهري، عن سعيد، عن النبي ﷺ يعني مرسلا، وتابعه صالح، عن الزهري. وقال الزبيدي: أخبرني الزهري أن عبد الرحمن بن كعب، أخبره عن عبد الله بن كعب قال: حدثني من شهد مع النبي ﷺ خيبر، قال الزهري: وأخبرني عبد الله بن عبد الله، وسعيد، عن النبي ﷺ انتهى.
قال: وكلامه فيه اختصار وحذف لا يفهم المراد منه، وفيه وهم في قوله: قال الزهري: وأخبرني عبد الله بن عبد الله وسعيد، عن النبي ﷺ؛ لأن عبد الله بن عبد الله لا يعرف، والصواب - إن شاء الله - عبد الرحمن بن عبد الله، وهو ابن كعب، قال: وكنت أظن أن الوهم فيه ممن دون البخاري، إلى أن رأيته في التاريخ قد ساقه كما ساقه في الصحيح سواء.
قلت: الخطب فيه يسير من سبق