للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو مرئى وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح فينفّرون الظباء والطيور فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم" (٥).

وقال ابن القيم: "كانوا يزجرون الطير والوحش ويثيرونها فما تيامن منها وأخذت ذات اليمين سموه سانحًا، وما تياسر منها سموه بارحًا، وما استقبلهم منها فهو الناطح وما جاءهم من الخلف فهو القعيد، فمن العرب من يتشاءم بالبارح ويتبرك بالسانح ومنهم من يرى خلاف ذلك" (٦).

قال القرافي رحمه الله: "التطير هو الظن السيئ الكائن في القلب والطيرة هو الفعل المرتب على هذا الظن من فرار وغيره" (٧).

"والشؤم ضد اليمن. يقال تشاءمت بالشىء وتيمنت به" (٨).

يظهر مما سبق أن الطيرة كانت تطلق على التَّيمُّن والتشاؤم ثم انحصر استعمالها فيما بعد على التشاؤم وعلى التيمن بما ليس فألًا، كمرور الطير سانحًا أو بارحًا ولذلك نُهى عنها.

فهى من هذا الوجه أعم من التشاؤم، والتشاؤم أعم منها من وجه آخر وهو أن أصل الطيرة مأخوذ من زجر الطير ومن ثمَّ التبرك به أو التشاؤم. بينما التشاؤم يكون في الطير وغيره كالتشاؤم من ذوي العاهات كالأعور والأبتر وغيرهما.


(٥) مسلم بشرح النووي (١٤/ ٤٧٠).
(٦) مفتاح دار السعادة (٣/ ٢٦٨)، وانظر: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام (٦/ ٧٨٦).
(٧) الفروق للقرافي (٤/ ٢٣٨).
(٨) النهاية (٢/ ٥١٠). وانظر لسان العرب (١٢/ ٣١٤).

<<  <   >  >>