للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* رابعًا: التوقف (١٢):

إذا تعذر الجمع والنسخ والترجيح فإنه يجب التوقف عن العمل بأحد النصين حتى يتبين وجه الحق فيهما.

قال الإمام الشاطبى: "أما ترك العمل بِهما معًا مجتمعين أو متفرقين فهو التوقف عن القول بمقتضى أحدهما، وهو الواجب إذا لم يقع ترجيح" (١٣).

وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: "فصار ما ظاهره التعارض واقعًا على هذا الترتيب: الجمع إن أمكن، فاعتبار الناسخ والمنسوخ فالترجيح إن تعيَّن ثم التوقف عن العمل بأخذ الحديثين" (١٤).

ولكن هذا التوقف ليس إلى أبد، وإنما هو إلى أمد، أي أنه توقف مؤقت، لأن التوقف إلى غير غاية يُفضي إلى تعطيل الأحكام الشرعية، وقد يكون الحكم مما لا يقبل التأخير، وعلى هذا فإن المتوقِّف عليه أن يبحث وينظر ويتأمل حتى يتبين له وجه الحق في المسالة (١٥) والله أعلم.


(١٢) التعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط كما في كتب أصول الفقه، قال ابن حجر: "والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط لأن خفاء ترجيح أحدهما على الآخر إنما هو بالنسبة للمعتبر في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفي عليه" نزهة النظر (٣٥).
(١٣) الموافقات (٤/ ١١١) بتصرف يسير.
(١٤) نزهة النظر (٣٥) وانظر فتح المغيث للسخاوى (٣/ ٧٣).
(١٥) انظر روضة الناظر (٢/ ٤٣٢).
تنبيه: هذا الترتيب -الجمع ثم النسخ ثم الترجيح ثم التوقف- هو الراجح وهو الذي عليه الجمهور -كما تقدم- وذهب جمهور الحنفية إلى خلاف ذلك فقدموا النسخ لدفع التعارض فإن تعذر فالترجيح فإن تعذر النسخ والترجيح فالجمع، فإن تعذرت جميعًا فالتساقط وهو ترك العمل بالدليلين والمصير إلى شىء هو أدق منهما في الرتبة -كالقياس مثلًا- فيُعمل به. انظر منهج التوفيق والترجيح بين مختلف الحديث (١١٥ - ١١٦) مختلف الحديث للدكتور نافذ حماد (١٣٦) مختلف الحديث لأسامة الخياط (٣٧٤).

<<  <   >  >>