للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصحيح أن إخلاف الوعيد جائز في حق المؤمنين، ولا يجوز في حق الكافرين، وسياق هذه الآيات التي استدل بِها شيخ الإسلام يدل على أنَّها واردة في الكفار.

والذي يدل على أن إخلاف الوعيد جائز في حق المسلمين ما جاء في أحاديث الشفاعة وإخراج الله تعالى لأقوام من النار، وكذلك تعلق المغفرة بالمشيئة كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ} (٥١)، (٥٢).

- وأما القول بالتوقف في هذه الأحاديث فليس المراد به: التوقف في كفر مرتكب الكبيرة أو خروجه من الإسلام، أو عدم دخوله الجنة مطلقًا أو خلوده في النار، لأن هذه الأمور قد تقدم نقل الإجماع على أنه لا يحكم بِها على مرتكب الكبيرة بسبب كبيرته ما لم يكن مستحلًّا لها، فلم يبق إلا أن يكون مرادهم بِهذا التوقف: التوقف في توجيه هذه الأحاديث أو بعضها، وعلى أي التوجيهات يمكن أن تحمل، وهذا بابه واسع كما تقدم والله أعلم.

[الخلاصة]

أن القول الصحيح في أحاديث الوعد وكذلك أحاديث الوعيد المتعلقة بأحكام الآخرة، هو إطلاق القول بِها كما جاءت واعتقاد أن هذا العمل سبب لاستحقاق الوعد أو الوعيد المرتب عليه، لكن لا يحكم على معين بدخوله في هذا الوعد أو ذاك الوعيد حتي تتوفر فيه الشروط، وتنتفى عنه الموانع.


= ببعض من غير تبديل شيء منها".
فغاية ما في كلام شيخ الإسلام رحمه الله أنه يري أن الآيات في سورة (ق) تضعف قول من يقول: إن إخلاف الوعيد جائز، وهذا غير مسلم كما تقدم.
(٥١) سورة النساء، آية (٤٨).
(٥٢) انظر: منهج ابن تيمية في مسألة التكفير، للدكتور عبد المجيد المشعبى، (١/ ١٨٤).

<<  <   >  >>