للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصحابه، أن جعلوا الخبر عن الله وعن دينه وعيدًا لا حقيقة له، وهذا يئول إلى إبطال العقاب" (٤٧) وقد عدَّ شيخ الإسلام ابن تيمية هذا القول من التأويلات المستكرهة (٤٨).

- وأما قول بعضهم في توجيه هذه الأحاديث: إن هذا وعيد وإخلاف الوعيد جائز بخلاف إخلاف الوعد، فقول صحيح لكنه داخل ضمن القول الذي سبق ترجيحه، فإخلاف الله لوعيده معناه: عفوه ورحمته ومغفرته، وهذا مانع واحد من عدة موانع للوعيد تقدم ذكرها.

وأما تضعيف شيخ الإسلام ابن تيمية لهذا القول ففيه نظر حيث قال رحمه الله تعليقًا على قوله تعالى: {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} (٤٩).

قال رحمه الله: "وهذه الآية تضعف جواب من يقول: إن إخلاف الوعيد جائز، فإن قوله: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} بعد قوله: {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} دليل على أن وعيده لا يبدل كما لا يبدل وعده" (٥٠).


(٤٧) الإيمان (٣٩).
(٤٨) انظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٦٧٤).
(٤٩) سورة ق، آية (٢٨، ٢٩).
(٥٠) مجموع الفتاوى (١٤/ ٤٩٨).
تنبيه:
لا يعنى هذا النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يرى أن إخلاف الوعيد في حق المؤمنين غير جائز لأن هذا مذهب المعتزلة كما قد صرح بذلك شيخ الإسلام نفسه، وعدَّ هذا من أصولهم فقال في مقدمة أصول التفسير (٧٥): "ومن أصول المعتزلة مع الخوارج: إنفاذ الوعيد في الآخرة وأن الله لا يقبل في أهل الكبائر شفاعة ولا يخرج منهم أحدًا من النار".
ومما يدل على أنه رحمه الله لم يرد هذا المعني أنه قال في نفس الموضع (١٤/ ٤٩٨): "وهذا مما احتج به القائلون بأن فساق الملَّة لا يخرجون من النار وقد تكلمنا عليهم في غير هذا الموضع" وقال أيضًا في نفس الموضع السابق: "لكن التحقيق الجمع بين نصوص الوعد والوعيد وتفسير بعضها=

<<  <   >  >>