للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إثبات الطيرة التي نفاها وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق منها أعيانًا مشئومة على من قاربَها وسكنها، وأعيانًا مباركة لا يلحق من قاربَها منها شؤم ولا شر وهكذا، كما يعطى سبحانه الوالدين ولدًا مباركًا يريان الخير على وجهه، وكذلك ما يعطاه العبد من ولاية أو غيرها فكذلك الدار والمرأة والفرس" (٢٣).

فإن قيل: هذا جارٍ في كل مشئوم، فما وجه خصوصية هذه الثلاثة بالذكر؟

قيل: لأنَّها أكثر ما يقع التطير بِها فخصت بالذكر لذلك (٢٤).

قال القرطبى: "وجه خصوصية هذه الثلاثة بالذكر أنَّها ضرورية في الوجود ولابد للإنسان منها ومن ملازمتها غالبًا فأكثر ما يقع التشاؤم بها فخصها بالذكر لذلك" (٢٥).

وتقدم كلام الخطابي في ذلك.

ثانيًا: مذهب النسخ:

حكاه ابن عبد البر فقال: "وقد يحتمل أن يكون قول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الشؤم في ثلاثة: في الدار والمرأة والفرس" كان في أول الإسلام خبرًا عما كانت تعتقده العرب في جاهليتها على ما قالت عائشة (٢٦)، ثم نسخ ذلك وأبطله القرآن والسنن" (٢٧).

ويعني بالقرآن قوله تعالى:


(٢٣) مفتاح دار السعادة (٣/ ٣٤٢). وانظر: معارج القبول (٢/ ٢٧٠).
(٢٤) انظر: تيسير العزيز الحميد (٤٣٠).
(٢٥) المفهم (٥/ ٦٣٠).
(٢٦) سيأتي كلامها رضي الله عنها قريبًا.
(٢٧) التمهيد (٩/ ٢٩٠).

<<  <   >  >>