للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي هريرة (٤٥) وأبي ذر (٤٦) وإليه ذهب الدارمي (٤٧) وجماعة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين (٤٨).

[أدلة هذا الفريق]

استدل أصحاب هذا القول بما يلى:

- ما جاء في الصحيحين عن مسروق قال: كنت متكئًا عند عائشة فقالت: ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية، قلت: ما هن؟ قالت: من زعم أن محمدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، قال: وكنت متكئًا فجلست فقلت: يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني، ألم يقل الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}؟ فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطًا من السماء سادًّا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض" فقالت: أو لم تسمع أن الله يقول: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} أو لم تسمع أن الله يقول: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} الحديث (٤٩).

فقالوا هذا الحديث نص صريح مرفوع إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أن المراد بالمرئى بالآيتين إنَّما هو جبريل عليه السلام وليس الله تعالى، وقد جاء هذا أيضًا عن


(٤٥) انظر: الشفا للقاضي عياض (١/ ٢٥٧) المفهم للقرطبي (١/ ٤٠١).
(٤٦) انظر: عارضة الأحوذي (١٢/ ١٢٠) فتح الباري (٨/ ٦٠٨).
(٤٧) انظر: النقض على المريسي (٢/ ٧٣٧ - ٧٣٨).
(٤٨) انظر: الشفا للقاضي عياض (١/ ٢٥٨) المفهم (١/ ٤٠١).
(٤٩) تقدم تخريجه ص (٣٠٣).

<<  <   >  >>