للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني مذاهب العلماء تجاه هذا التعارض]

سلك أهل العلم في هذه المسألة (١) ثلاثة مذاهب: -

أحدها: مذهب الجمع، والثاني: مذهب الترجيح، والثالث: التوقف، وإليك بيان ذلك:

أولًا: مذهب الجمع:

وربما عبروا عنه بالوقف (٢) وحاصله أنَّهم يمتحنون في عرصات القيامة فيرسل إليهم رسول فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، أو ترفع لهم نار ويؤمرون باقتحامها فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا ومن أبى أدخل النار.

قالوا: وبناءً على هذا يكون بعضهم في الجنة وبعضهم في النار على حسب طاعتهم وعصيانِهم.

كما أنه بناءً على هذا فإنه لا يُحكم لمعين منهم بجنة ولا نار بل يُقال فيهم كما قال المصطفى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الله أعلم بما كانوا عاملين" فإذا كان الامتحان في عرصات القيامة ظهر علم الله تعالى فيهم.

وإلى هذا ذهب أبو الحسن الأشعري رحمه الله وحكاه عن أهل السنة والجماعة (٣).


(١) جدير بالتنبيه هنا أن الخلاف في أطفال المشركين إنما هو باعتبار حكمهم في الآخرة، وأما في الدنيا فلا إشكال أن حكمهم حكم آبائهم كما هو صريح حديث الصعب بن جثامة.
(٢) وليس المراد به هنا: التوقف المعروف في اصطلاح الأصوليين وهو الذى يكون عند تعذر الجمع والنسخ والترجيح فيتوقف المجتهد عن العمل بأحد النصين حتى يتبين له الحق، وإنما المراد به التوقف المبني على الدليل وهو قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الله أعلم بما كانوا عاملين" وسيأتي مزيد إيضاح له إن شاء الله تعالى في ثنايا الكلام.
(٣) انظر الإبانة عن أصول الديانة (٥٥) وانظر مجموع الفتاوى (٤/ ٢٧٨، ٢٨١، ٣٠٣) (٢٤/ ٣٧٣).

<<  <   >  >>