للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حكايةً عن الله أنه قال للجنة: "أنت رحمتى أرحم بك من أشاء" (٥)، وقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن الله خلق الرحمة .. " (٦).

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "اعلم أن الرحمة المضافة إلى الله تعالى نوعان:

أحدهما: مضاف إليه إضافة مفعول إلى فاعله.

والثاني: مضاف إليه إضافة صفة إلى الموصوف بِها.

فمن الأول قوله في الحديث الصحيح: "احتجت الجنة والنار .. " فذكر الحديث وفيه "فقال للجنة: إنما أنت رحمتى أرحم بك من أشاء".

فهذه رحمة مخلوقة مضافة إليه إضافة المخلوق بالرحمة إلى الخالق تعالى، وسَماها رحمة لأنَّها خلقت بالرحمة وللرحمة وخص بِها أهل الرحمة وإنَّما يدخلها الرحماء.

ومنه قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "خلق الله الرحمة يوم خلقها مائة رحمة .. " ..

وأما قوله تعالى حكاية عن ملائكته: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} فهذه رحمة الصفة التي وسعت كل شيء" (٧).

[المسلك الثاني]

ما ذهب إليه القرطبي من أنَّ: "خلق في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن الله خلق يوم


(٥) متفق عليه: البخاري: كتاب التفسير، باب: قوله {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}. (٤/ ١٨٣٦) ح (٤٥٦٩).
ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء. (١٧/ ١٨٧) ح (٢٨٤٦).
(٦) انظر شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (٢/ ١٨٥)، منهج الحافظ ابن حجر العسقلاني في العقيدة من خلال كتابه فتح الباري لمحمد إسحاق كندو (٢/ ٩٣٩ - ٩٤٠).
(٧) بدائع الفوائد (٢/ ١٥٧، ١٥٨).

<<  <   >  >>