للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني مذاهب العلماء تجاه هذا التعارض]

لم يتعد أهل العلم في هذه المسألة مذهب الجمع، فسلكوا فيها مسلكين هما:

[المسلك الأول]

أن الرحمة المضافة إلى الله تعالى نوعان:

أحدهما: مضاف إليه إضافة صفة إلى الموصوف بها كقوله تعالى:

{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (١)، وقوله حكاية عن الملائكة: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} (٢).

وهذه الرحمة صفة ذاتية لازمة لله تعالى بالنظر إلى أصلها، وهي صفة فعلية بالنظر إلى أفرادها وآحادها، لأن الله تعالى يرحم بِها من يشاء من عباده، وكل صفة تتعلق بالمشيئة فهى صفة فعلية، وكلها صفات قائمة به سبحانه.

ثانيهما: مضاف إليه إضافة مفعول إلى فاعله، ومخلوق إلى خالقه، وهذه الرحمة ليست صفة لله تعالى وإنما هى أثر من آثار رحمته التي هى صفته الذاتية الفعلية، ومن أمثلة هذه الرحمة قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (٣) وقوله: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ} (٤).


(١) سورة الأعراف. آية (١٥٦).
(٢) سورة غافر. آية (٧).
(٣) سورة الفرقان. آية (٤٨).
(٤) سورة هود. آية (٩).

<<  <   >  >>