للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سبب الترجيح]

١ - أنَّ هذا المسلك فيه إعمالٌ لجميع الأدلة وعدم طرح شىء منها كما تقدم.

٢ - أن المسالك الأخرى يمكن الإيراد عليها والإجابة عنها كما سيأتي.

٣ - أن سياق الحديث يرجح هذا المسلك لأن قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا عدوى" جاء مقارنًا لقوله: "ولا طيرة ولا هامة ولا صفر" وهذه الأشياء مما كانت الجاهلية تعتقدها فأبطلها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونفاها.

٤ - أن حاصل أكثر المسالك الأخرى هو نفى وجود العدوى "وهذا يفضي إلى تعطيل الأصول الطبية ولم يرد الشرع بتعطيلها بل ورد بإثباتِها، والعبرة بِها على وجه لا يناقض أصول التوحيد ولا مناقضة في القول بِها على الوجه الذي ذكرناه" (٤) بل إن العدوى ثابتة بالنص والإستقراء والطب: -

أ - أما النص فقد سبق قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يورد ممرض على مصح"، وقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وفر من المجذوم فرارك من الأسد" وقوله في الطاعون: "وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه".

ب - "وأما الاستقراء فما زال الناس يشاهدون الصحيح ينتابه المرض إذا خالط المريض ولا سيما بعض الأمراض كالجرب والجذام وبعض الحميات" (٥).

ج - وأما الطب فقد أثبت الطب الحديث على أن ثمة عدوى بل إن إثبات وقوع العدوى أصبح من المسلمات التي لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، فإنك لا تكاد تقرأ كتابًا في الطب إلا وجدت فيه الحديث عن العدوى وطرقها وسبل


(٤) شرح الطيبي (٨/ ٣١٤).
(٥) مشكلات الأحاديث النبوية (٧٩).

<<  <   >  >>