للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتخليقها وما يقدر لها وعليها، وذلك يقع في أوقات متعددة وكله بعد الأربعين الأولى ولا يقتضي هذا أن يكون وقوع هذه الأشياء بعد الأربعين الأولى مباشرة من غير فصل.

وخلاصة هذا المسلك: أن النطفة بداية من كونِها علقة ومرورًا بكونِها مضغة وانتهاءً بتصويرها ونفخ الروح فيها بعد الأربعين الثالثة كل هذا يصح أن يُقال إنه واقع بعد الأربعين الأولى، ولا يلزم وقوعه بعدها مباشرة، وبِهذا يتفق حديث حذيفة بن أسيد مع حديث ابن مسعود رضي الله عنهما.

أشار إلى هذا المسلك ابن القيم وقال: هذا وجه حسن جدًّا (٨).

ثانيًا: مذهب الترجيح:

وذلك بترجيح حديث ابن مسعود على حديث حذيفة بن أسيد رضى الله عنهما لأن حديث حذيفة لم تُضبط ألفاظه ولهذا أعرض البخاري عن روايته.

قال ابن الصلاح: "أعرض البخاري عن حديث حذيفة بن أسيد إما لكونه من رواية أبي الطفيل عنه، وإما لكونه لم يره ملتئمًا مع حديث ابن مسعود، وحديث ابن مسعود لا شك في صحته" (٩).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أحد الأمرين لازم: إما أن تكون هذه الأمور عقيب الأربعين، ثم تكون عقب المائة والعشرين، ولا محذور في الكتابة مرتين، ويكون المكتوب (أولًا) فيه كتابة الذكر والأنثى (١٠)، أو يقال: إن ألفاظ هذا الحديث لم تضبط حق الضبط، ولهذا اختلفت رواته في ألفاظه، ولهذا أعرض البخاري عن روايته، وقد يكون أصل الحديث صحيحًا، ويقع في


(٨) انظر طريق الهجرتين (١٤٧) التهذيب بهامش عون المعبود (١٢/ ٣١٢).
(٩) نقل ذلك عنه ابن حجر في الفتح (١١/ ٤٨٤).
(١٠) وقد تقدمت الإشارة إلى هذا في المسلك الأول.

<<  <   >  >>