الذي يمكن الجزم به أن الكتابة تقع بعد الأربعين الثالثة، أي بعد المضغة، كما هو صريح حديث ابن مسعود رضى الله عنه، وكما دلَّ عليه أيضًا حديث أنس رضى الله عنه، وهما متفق عليهما.
وحينئذٍ يبقى الإشكال في حديث حذيفة بن أسيد رضى الله عنه -والذي فيه وقوع الكتابة بعد الأربعين الأولى- وهو من أفراد مسلم.
- فهل يُحمل ما فيه على أنه كتابة أخرى؟
- أم يحمل على أنه في بعض الأجنة دون بعض؟
وهذا رده ابن حجر وقال:"هو جيد لو كانت مخارج الحديث مختلفة، لكنها متحدة وراجعة إلى أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد، فدل على أنه لم يضبط القدر الزائد على الأربعين"(١).
- أم يحمل على الوجه الذي استحسنه ابن القيم وهو: أنه في حديث حذيفة أطلق البعدية ولم يقيدها، وقيَّدها في حديث ابن مسعود بعد الأربعين الثالثة، فيحمل المطلق على المقيد؟
ولكن يُشكل على هذا أنه لا يكون لذكر العدد معنى في حديث حذيفة ابن أسيد، والذي يظهر أن العدد فيه مراد ومقصود لأنه حدده مرة بالأربعين أو الخمس والأربعين ومرة باثنتين وأربعين ليلة، وهذا يبعد معه صرف المراد بعد هذا العدد -وهو الكتابة- إلى ما بعد الأربعين الثالثة.