للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث الترجيح]

في الحقيقة أنه ليس بين مسالك الجمع السابقة تعارض لأنه يمكن القول بِها كلها وتنْزيلها على أشخاص أو حالات مختلفة، وأما القول بأحدها وجعله هو المراد في الحديث فهو تحكم فيه نظر، إذ أنه لم يرد نص صريح في اختصاص العذاب بنوع أو سبب معين، مع ما ذكرنا -سابقًا- من أن الإجماع منعقد على أنه لا يعذب أحد بذنب غيره.

"وأما ما روته عائشة عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال ذلك في الكافر أو يهودية معينة فهو غير مناف لرواية غيرها من الصحابة، لأن روايتهم مشتملة على زيادة، والتنصيص على بعض أفراد العام لا يوجب نفى الحكم عن بقية الأفراد لما تقرر في الأصول من عدم صحة التخصيص بموافق العام.

والأحاديث التي ذُكر فيها تعذيب مختص بالبرزخ أو بالتألم أو بالاستعبار كما في حديث قيلة لا تدل على اختصاص التعذيب الْمطلق في الأحاديث بنوع منها، لأن التنصيص على ثبوت الحكم لشىء بدون مشعر بالاختصاص به لا ينافي ثبوته لغيره (١).

- وبناءً على هذا نقول: إذا أوصى الإنسان أهله بالنياحة أو كانت النياحة من سنته أو عرف من أهله ذلك ولم ينههم أو ندبه أهله بالقبيح المحرم من أفعاله فوُبِّخ على ذلك، فإنه لا شك أن هذه أسباب يستحق عليها العذاب، فإن عُذب بِها أو ببعضها فإنه إنما يُعذب بسبب فعل نفسه.


(١) نيل الأوطار (٤/ ١٢٨).

<<  <   >  >>