للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخشوع وهذا الذي يليق بسمة العبد وبصفات المربوبين ولا يحسن بعبد أن يقول: فلان عبدي وإن كان قد ملك قيادَه في الاستخدام له .. " (٢٨).

رابعًا: ما يتعلق بالجمع بين الله تعالي وسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ضمير واحد:

سلك أهل العلم في هذه المسألة مذهبين:

أحدهما: مذهب الجمع.

والآخر: مذهب الترجيح، وإليك بيان ذلك:

أولًا: مذهب الجمع:

وإليه ذهب أكثر أهل العلم، واختلفوا فيه على عدة أقوال كما يلي:

القول الأول: أن تثنية الضمير في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" للإيماء إلى أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين، لا كل واحدة منهما، فإنَّها وحدها لا غية إذا لم ترتبط بالأخرى، فمن يدعي حب الله مثلًا ولا يحب رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا ينفعه ذلك، ويشير إليه قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (٢٩) فأوقع محبته عليه الصلاة والسلام مكتنفة بين قطري محبة العباد لله ومحبة الله تعالى للعباد.

وأما أمر الخطيب بالإفراد فلأن كل واحد من العصيانين مستقل باستلزام الغواية، إذ العطف في تقدير التكرير، والأصل استقلال كل من المعطوفين في الحكم، وإلى هذا ذهب البيضاوي (٣٠) والطيبي وقال: "هذا كلام حسن متين" (٣١).


(٢٨) أعلام الحديث (٢/ ١٢٧٢).
(٢٩) سورة آل عمران، آية (٣١).
(٣٠) انظر تيسير العزيز الحميد ص (٤٧٨).
(٣١) شرح الطيبي (١/ ١٢١).

<<  <   >  >>